مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥ : فرق المسرح الغنائي
ژانرها
احتشد التياترو المصري بشارع عبد العزيز مساء أول أمس بعدد كبير من السراة والأدباء؛ لمشاهدة تمثيل رواية «الطواف حول الأرض في ثمانين يوما»، وهي الرواية الأولى التي بدأ بها الجوق الجديد - الذي ألفه حضرة الفاضل إسكندر فرح - تمثيله، فسر الناس سرورا كبيرا بما رأوه من إتقان المناظر والملابس والإجادة في التمثيل والألحان، إجادة تدعو إلى الإعجاب والتنشيط، الذي يقوي العزائم ويمهد الصعاب لهذا الجوق في المثابرة على الخطة الحرجة التي عزم على اتباعها، وهي تمثيل الروايات العصرية التي تمثل للعالمين مفاسد هذا العصر ومحاسنه وأخلاق أهله في كل حدب ومكان. ولقد أجاد الممثلون والممثلات كثيرا، خصوصا حضرة أمين عطا الله ممثل دور باسبارتو، فقد خرج الناس وكلهم معجب بذكائه وخفة روحه. وقد عزم الجوق على إعادة تمثيل هذه الرواية غدا إجابة لطلب الكثيرين.
وبعد هذا العرض أعادت الفرقة مسرحياتها القديمة، ومنها: «أوتلو»، «الأفريقية»، «البرج الهائل»، «العواطف الشريفة» تأليف جورج أونه، تعريب إلياس فياض.
67
ولكن هذه العروض لم تلق النجاح المأمول، ولم يستطع صوت المطرب رحمين بيبس وحده أن يجذب الجماهير مثلما كان يجذبهم صوت الشيخ سلامة فيما سبق. وفكر إسكندر فرح كثيرا فلم يجد مطربا آخر غير الشيخ أحمد الشامي ليكون خير منافس للشيخ سلامة حجازي، فضمه إلى فرقته بجانب رحمين بيبس، وبعد فترة قصيرة ضم إلى فرقته أيضا الممثلتين ماري صوفان وإيزابيل أستاتي، والممثلين عزيز عيد وعلي سري. هذا بالإضافة إلى إدخاله بعض التجديدات الاستعراضية لتصاحب العروض المسرحية جذبا للجمهور، مثل فصول لعب السيف والترس، والطبل البلدي، والسينماتوجراف، والفصول المضحكة، والتنويم المغناطيسي للمسيو دور لايلان وزوجته.
وبدأت الفرقة عروضها المسرحية بهذا الشكل الجديد لمدة خمسة أشهر، وكانت الصحف تثني كثيرا في إعلاناتها وتعليقاتها على الشيخ أحمد الشامي، مكتفية بذكر اسمه فقط باعتباره رئيس الممثلين في فرقة إسكندر فرح، وهو نفس المنصب السابق للشيخ سلامة حجازي. ومن هذه العروض التي بدأت في ديسمبر 1905، «الأفريقية»، «الطواف حول الأرض»، «الرجل الهائل» أو «شجاع فينيسيا»، «العواطف الشريفة» أو «صاحب معامل الحديد» أو «البريئة المتهمة» أو «خداع الدهر»، «ربيعة بن زيد المكدم» أو «ربيعة مع عنترة بن شداد»، «ماري تيودور» لفولتير تعريب إلياس فياض، «حمدان»، «البرج الهائل»، «الانتقام الدموي»، «تليماك»، «ابنة حارس الصيد»، «انتقام الجريمة».
68
وفي أبريل 1906 حدث خلاف بين أحمد الشامي وبين إسكندر فرح، لم يذكره التاريخ، ولكن يستطيع القارئ أن يستشعره من أقوال الصحف مثل: جريدة «المقطم» في 12 / 4 / 1906 عندما تحدثت عن تمثيل مسرحية «ابنة حارس الصيد» قائلة في الختام:
وقد مثلت الممثلة الشرقية الأولى، وواسطة عقد ممثلات مصر، السيدة ماري دور مرجريت. أما حضرة رحمين بيبس فقد قام بدور لاندره، وهو دور شيخ قروي حمل عار ابنته وقاسى أشد الآلام من جراء ذلك. ومثل حضرة علي سري دور المسيو دي مارلييه فأجاد. ومثل حضرة أمين عطا الله دور فرنسوا، وهو دور فتى قروي ساذج فأبدع فيه. ومثلت السيدة إيزابلا دور مدام دي مارلييه ودور امرأة من نساء الهوى، فأبدعت في الأول ولم تسئ كثيرا في الثاني. ومثل حضرة الشيخ أحمد الشامي دور جاك ابن مرجريت، وهو دور من أدق أدوار الرواية وأهمها، غير أن ممثله لم يقدره حق قدره، وظنه من الأدوار الواهية فمثله وهو غير راغب فيه.
وكانت نتيجة هذا الخلاف خروج أحمد الشامي من الفرقة، وعدم ذكر اسمه في الإعلانات الصحفية الخاصة بها التي كانت تذكر رحمين بيبس كرئيس للممثلين. واستمرت الفرقة بدون مطربها الأول أحمد الشامي فترة من الوقت، أعادت خلالها عروضها السابقة وأبدلت أسماءها، واستعانت بمسرحيات تركية مثل مسرحية «أمير بك» و«بنات الغجر»، ووصل الأمر إلى الاستعانة بأعضاء فرق أخرى، مثل جوق المسرة العثماني.
69
صفحه نامشخص