انطلق واحد أو اثنان من الفتيان، وقد تخليا عن شعورهما بالازدراء حيال العالم وحيال مساعدة الكبار، عبر الحارة إلى منزل سيلفيا، صارخين : «أطلقت النار على روس! أطلق كولن النار عليه! روس! أطلقت النار عليه! أطلق كولن النار عليه! روس! كولن! روس!»
بحلول الوقت الذي جعلوا فيه الأشخاص الجالسين حول المائدة في الفناء الخلفي يفهمون الأمر - كان بعضهم قد سمع صوت إطلاق النيران لكنهم ظنوها ألعابا نارية - وبحلول الوقت الذي ظهرت فيه أول مجموعة من الأشخاص، الذين هرعوا عبر الحارة، إلى مشهد المأساة، كان روس جالسا، باسطا ذراعيه، ترتسم على وجهه نظرة ماكرة خجلة. كان الفتيان الذين لم يذهبوا لطلب المساعدة قد رأوه يتحرك، وظنوا أنه حي لكنه مجروح. لم يكن مجروحا على الإطلاق. لم تقترب الرصاصة منه. كانت قد ضربت السقيفة الواقعة بعيدا في الحارة، السقيفة التي كان يسن فيها رجل شيخ زلاجات التزحلق على الجليد في الشتاء. لم يصب أحد.
زعم روس أن صوت إطلاق النار أفقده الوعي أو جعله ينكفئ. لكن الجميع، من واقع معرفتهم بروس، تشككوا في أن روس فعل ذلك عن عمد، وأن ذلك كان وليد اللحظة. كانت البندقية موضوعة على الحشائش في جانب الحارة، حيث ألقاها كولن. لم يلتقطها أي من الفتيان؛ فلم يرد أحد منهم أن يلمسها أو يكون له صلة بها، على الرغم من أنه اتضح لهم أن كل شيء لا بد أن ينكشف؛ كيف أخذوها من السيارة على الرغم من أنها لا تخصهم، وكيف أن اللوم سيقع عليهم جميعا.
لكن كان اللوم سيقع على كولن بصفة أساسية. كان اللوم واقعا على كولن. وقد هرب.
كان ذلك هو الصياح، بعد البلبلة التي حدثت حول روس. «ماذا حدث؟ روس، هل أنت بخير؟ هل أصبت؟ أين البندقية؟ هل أنت بخير حقا؟ من أين حصلت على البندقية؟ لماذا تظاهرت كأنك أصبت؟ هل أنت متأكد أنك لم تصب؟ من صوب البندقية عليك؟ من؟ كولن!» «أين كولن؟»
لم يتذكر أحد حتى في أي اتجاه ذهب. لم يتذكر أحد رؤيته يفر. نادوا عليه، لكن لم تكن ثمة إجابة. بحثوا عنه في الحارة ليروا هل كان مختبئا. ركب ضابط النوبة الليلية سيارة الشرطة، وركب آخرون سياراتهم، وقادوها عبر الشوارع، بل قادوا سياراتهم بضعة أميال وصولا إلى الطريق السريع ليروا ما إذا كانوا يستطيعون الإمساك به وهو يفر. لا أثر له. دخلت سيلفيا إلى المنزل وفتشت في خزائن الملابس وتحت الأسرة. كان الناس يبحثون في كل الأنحاء، يصطدم بعضهم بعضا، موجهين الكشافات نحو الأجمات، منادين على كولن.
ثم قال لهم روس إنه يعرف أين يمكن أن يبحثوا عنه. «عند جسر تيبليدي.»
كان ذلك جسرا حديديا من الطراز القديم بطول نهر تيبليدي. ترك على حاله على الرغم من بناء جسر أسمنتي جديد قرب منبع النهر، بحيث صار الطريق السريع الموسع يتجاوز هذا الجزء من البلدة. كان الطريق المفضي إلى الجسر القديم مغلقا أمام السيارات، كما أعلن عن عدم أمان الجسر نفسه، لكن ظل الناس ينزلون للسباحة في النهر منه أو يصطادون من فوقه، وكان الناس ليلا يزيحون علامة «الطريق مغلق» ويتركون سياراتهم هناك. كان الرصيف على الجسر مكسورا، وكان مصباح الطريق محترقا ولم يجر استبداله. كانت ثمة شائعات ونكات حول هذا المصباح، مما كان يشير ضمنا إلى أن أعضاء مجلس المدينة كانوا من بين أولئك الأشخاص الذين كانوا يقفون بسياراتهم هناك، ويفضلون الظلام.
كان الجسر على مسافة مربعين سكنيين فقط من منزل سيلفيا. سبق الفتيان إلى الجسر، لا يقودهم روس بل يتبعهم، كان يسير في خطوات متمهلة. كانت سيلفيا تسير بجواره وكانت تحثه على الإسراع. كانت ترتدي حذاء ذا كعب عال وثوبا ضيقا بلون أزرق مخضر، كان ضيقا أكثر مما ينبغي عند الأرداف؛ مما كان يعوقها عن الحركة.
قالت: «أتمنى أن تكون على حق»، وهي حائرة أي من الابنين كانت تشعر إزاءه بغضب بالغ أكثر من الآخر. لم تكن قد تعافت بعد من معرفة أن روس لم يطلق النار عليه حتى أخذت تفكر فيما إذا كانت سترى كولن مرة أخرى أم لا. كان بعض ضيوف الحفلة مخمورين أو لا يتمتعون باللباقة الكافية بحيث تساءلوا في صوت عال عما إذا كان كولن قد قفز في نهر تيبليدي .
صفحه نامشخص