فقوله: "لا يؤثمون مجتهدا مخطئا في المسائل الأصولية الفروعية كما ذكر عنهم ابن حزم وغيره" يدل دلالة صريحة على إعذار المجتهد المخطىء، خاصة إذا بذل جهده في الوصول إلى الحق ثم لم يصل إليه، وفي ذلك يقول: "... إن الله أمر كلا منهم أن يطلب الحق بقدر وسعه وإمكانه، فإن أصابه كان خيرا، وإلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد قال المؤمنون: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } " (286: البقرة ) وقال الله قد فعلت، وقال تعالى: { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } "( 5: الاحزاب ) فمن ذمهم ولامهم على ما لم يؤاخذهم الله عليه، فقد اعتدى، ومن أراد أن يجعل أقوالهم وأفعالهم بمنزلة قول المعصوم وفعله وينتصر لها بغير هدى من الله فقد اعتدى، واتبع هواه بغير هدى من الله، ومن فعل مثلما أمر به بحسب حاله من اجتهاد يقدر عليه أو تقليد إذا لم يقدر على الاجتهاد، وسلك في تقليده مسلك العدل، فهو مقتصد، إذ الأمر مشروط بالقدرة { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } "( 286: البقرة ) فعلى المسلم في كل موطن أن يسلم وجهه لله وهو محسن، ويدوم على هذا الإسلام "(¬1).
وقد كانت عبارته صريحة في إعذار المخالف، وأن عدم الإعذار اعتداء على شرع الله، فقد قال: "فمن ذمهم ولامهم على ما لم يؤاخذهم الله به ، فقد اعتدى".
صفحه ۵۴