خامسا: ويضع ابن تيمية شروطا للاجتهاد، أساسها النظر في الأدلة الشرعية المعتبرة بقصد الوصول إلى الحق الذي أراده الله وأراده رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وعليه: فلا كرامة لمن صدر في رأيه عن العقل المجانب للشرع، أو عن الرؤى المنامية ولا لمن صدر عن الهوى والعصبية، وفي هذا المعنى يقول: "فالمذاهب والطرائق والسياسات للعلماء والمشايخ والأمراء إذا قصدوا بها وجه الله دون الأهواء ليكونوا مستمسكين بالملة والدين الجامع الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له، واتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم من الكتاب والسنة بحسب الإمكان بعد الاجتهاد التام، هي لهم من بعض الوجوه بمنزلة الشرع والمناهج للأنبياء، وهم مثابون على ابتغائهم وجه الله وعبادته وحده لا شريك له، وهو الدين الأصلي الجامع"(¬1).
ويظهر من خلال هذا النص ما يضع ابن تيمية من شروط للاجتهاد من الإخلاص وعدم اتباع الهوى والتمسك بالملة والدين الجامع الذي يجمع بين المسلمين ولا يفرقهم من عبادة الله وحده لا شريك له وأن يكون أساس الاجتهاد مبنيا على الكتاب والسنة وليس على العقل أو على غيره من الأدلة غير المعتبرة في الشرع.
سادسا: مسوغات الاجتهاد في فروع الاعتقاد: فيقول: " وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وأما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وأما لرأي رأوه، وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" ( 286: البقرة ) وفي الصحيح قال: قد فعلت "(¬2).
صفحه ۵۱