ويقول الشاطبي أيضا: "الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان، أحدهما الاجتهاد المعتبر شرعا، وهو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر الاجتهاد إليه... والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه، لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي.. فكل رأي صادر عن هذا الوجه فلا مرية في عدم اعتباره، لأنه ضد الحق الذي أنزله..."(¬1). ويظهر من كلام الشاطبي إقراره بالاجتهاد في المسائل الظنية وليست القطعية أي في الفروع دون الأصول، وفي المسائل الجزئية دون الكلية، وان هذا الاجتهاد والخلاف معتبر.
ويقول القرطبي مبينا العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم ولو كان مخالفا له: " وهذا كله حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينا، ووجهه منبسطا طلقا مع البر والفاجر والسني والمبتدع من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه،
ثم قال: وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء: إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل في حدة، فأقول لهم بعض القول الغليظ، فقال: لا تفعل، يقول الله تعالى: { وقولوا للناس حسنا } ( 83: البقرة ) فدخل في هذه الآية اليهود والنصارى فكيف بالحنيفي" (¬2) وتبين من كلام القرطبي أن أصحاب الأقوال الخاطئة وأصحاب الأهواء طالما انهم حنفاء فيجب معاملتهم معاملة طيبة وان يقال لهم قولا لينا وفي هذا الكلام دعوة للتسامح بين المسلمين.
صفحه ۴۵