وإذا كانت هذه النصوص تدل على فرضية الاجتهاد فإنها ليست مقيدة بأحكام الفقه دون أحكام العقيدة لأن النصوص الشرعية تأتي بالحكم الفقهي والاعتقادي؛ فيجوز الاجتهاد فيهما والتفريق بين هذه الأحكام لم يحدث إلا في العصور المتأخرة من باب التبويب والتقسيم، وإلا فإن الفقهاء كانوا فقهاء الفقه الأكبر وفقه الفروع، كما ذهب إلى ذلك الإمام أبو حنيفة عندما قال في تعريف الفقه: "الفقه هو ما يجب على النفس من معرفة، فإذا كان في الأصول كان الفقه الأكبر، وإذا كان في الفروع كان معرفة الأحكام العملية التفصيلية"(¬1). ويسوي ابن تيمية بين الاجتهاد في مسائل الفقه والعقيدة حيث يعطي نفس الحكم لهما بقوله: "وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين من مسائل الأصول وغيرها في باب الصفات والقدر والإمامة وغير ذلك هو من هذا الباب، فيه المجتهد المصيب، وفيه المجتهد المخطئ، ويكون المخطئ باغيا، وفيه الباغي من غير اجتهاد، وفيه المقصر فيما أمر به من الصبر"(¬2).
ومن هنا وجدنا الاجتهاد في مسائل الاعتقاد منذ عهد الصحابة - رضي الله عنهم - إلى يومنا هذا.
ثانيا: حكم الاجتهاد في فروع الاعتقاد.
صفحه ۱۴