في وسط القدم بين الساق والمشط وبه قال من أصحابنا اللغويين عميد الرؤساء في كتابه الذي ألفه في الكعب كما نقله عنه شيخنا الشهيد الثالث أنه أحد الناتيين عن جانبي القدم كما قاله فقهاء العامة الرابع أنه عظم مايل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق والقدم كالذي في أرجل البقر والغنم وربما يلعب به الأطفال وقد ذكره صاحب القاموس وبحث عنه علماء التشريح كجالينوس وابن سينا في القانون وغيره وكلام الجوهري غير آب عنه حيث قال الكعب العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم وكلام أبي عبيدة أصرح منه حيث قال الكعب الذي في أصل القدم ينتهي إليه الساق بمنزلة كعاب القناة وهذا هو الذي قال به العلامة قدس الله روحه كما قلنا و قد عبر عنه في بعض كتبه بمجمع الساق والقدم وفي بعضها بالناتي وسط القدم يعني وسطه العرفي وفي بعضها بمفصل الساق والقدم وقال إن هذا هو الكعب عند علمائنا ونسب من فهم من عباراتهم خلاف ذلك إلى عدم التحصيل قال رحمه الله في المنتهى الكعب هو الناتي وسط القدم وقد تشتبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى الكعب وقال في المختلف يراد بالكعبين هنا المفصل بين الساق والقدم وفي عبارة أصحابنا اشتباه على غير المحصل هذا كلامه ولقد أطنب أكثر المتأخرين عن عصره أنار الله برهانه في إنكار ما ذهب إليه وطولوا لسان التشنيع عليه وحاصل تشنيعهم يدور على ستة أمور الأول أن قوله هذا مخالف لما أجمع عليه أصحابنا بل لما أجمع عليه الأمة من الخاصة والعامة الثاني أنه مخالف للأخبار الصريحة الثالث أنه مخالف لكلام أهل اللغة إذ لم يقل أحد منهم أن المفصل كعب الرابع أنه صب عبارات الأصحاب على مدعاه مع أنها ناطقة بخلاف دعواه الخامس أن الكعب في ظهر القدم والمفصل الذي ادعي أنه الكعب ليس في ظهر القدم السادس أنه مخالف للاشتقاق من كعب إذا ارتفع كما صرح به اللغويون وقد أوردت تشنيعاتهم بألفاظهم في الحبل المتين وفي شرح الحديث الرابع من الأحاديث الأربعين وظني أن الحق ما قاله العلامة أحله الله دار المقامة وأن كلامهم عليه في غير موضعه وتشنيعهم واقع في غير موقعه كما يظهر عليك إن شاء الله تعالى درس مما يستدل به من جانب العلامة طاب ثراه إلى أن الكعب واقع في مفصل القدم ما رواه في الكافي بطريق حسن عن زرارة وبكير ابني أعين أنهما سئلا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على وجهه إلى أن قالا ثم مسح رأسه وقدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا ثم قال إن الله عز وجل يقول يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله وأمر أن يغسل إلى المرفقين فليس له أن يدع من يديه إلى المرفقين شيئا إلا غسله ثم قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزئه فقلنا أين الكعبان قال هيهنا يعني المفصل دون عظم الساق فقلنا هذا ما هو فقال هذا عظم الساق و الكعب أسفل من ذلك وروى في التهذيب بطريق صحيح عن زرارة وبكير أنهما قالا بعدما حكى لهما الباقر عليه السلام وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله قلنا أصلحك الله فأين الكعبان قال هيهنا يعني المفصل دون عظم الساق فقالا هذا ما هو قال هذا عظم الساق وهذان الحديثان المعتبران شاهدان شهادة صريحة بما قاله العلامة طاب ثراه
صفحه ۲۸۴