والجزية بحسب ما يرى الإمام من قوة المشرك وضعفه وكثرة المال وقلته وشدة بغض الإسلام وعدمها، وغير ذلك، حتى لو رأى الصلاح في تسويتهم لفعل وقيل دينار على كل واحد في السنة وإن رضوا بالزيادة فعلى التوسط ديناران وعلى الفقير دينار وإن شاءوا أعطوا الدراهم بدل الدينار فيحسب باثني عشر درهما كدينار الديات، والأرش، وجماع الحيض، وغير ذلك، أما دينار الزكاة فعشرة دراهم، ودينار المعاملات يزيد وينقص، وإن شاء الإمام أخذ في كل شهر دراهم فيكون على الغني في الشهر أربعة دراهم وعلى المتوسط درهمان وعلى الفقير درهم وقيل على اليهودي عشرة دراهم في كل سنة، وعلى النصراني اثني عشر، وقيل خمسة عشر ولم يذكر صاحب هذا القول الصابئين والمجوس ولعله يقول الأمر فيهم على ما يراه الإمام وعلى من تؤخذ عنه الجزية ضيافة المسلمين ثلاثة أيام وقيل الضيافة على النصارى والمبيت على اليهود بعد أكل العشاء عند النصارى وعن عمر أنه ضرب على أهل الكتاب أيضا كسوة للمسلمين وعن عمر أنه ضرب الجزية دينارا على كل واحد في السنة وبه قال الشافعي وبه أمر صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله إلى اليمن وقال له أو خذ قيمة الدنانير مغافر وهي ثياب وقد عمل به عمر في بعض القرى وروي عنه أنه كتب إلى عامله عثمان بن حنيف([28]) في الكوفة بأن على الغني أربعة دنانير وعلى المتوسط دينارين وعلى الفقير دينارا وروي عنه غير ذلك فدل على أنها ليست محدودة وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ليس حدا لها وأنها برأي الإمام وقال ابن القاسم([29]) من المالكية: أربعة دنانير على كل غني أو فقير لا ينقص عنها وهو قول أصبغ منهم لكن قال: يحط على الفقير بقدر حاله وقال ابن الماجشون([30]) منهم: لا جزية على الفقير ويؤخذ من نصارى العرب ضعف ما يلزم المسلم في الزكاة على أموالهم فيعطي منهم من له مائتا درهم عشرة دراهم ومن له مائة درهم خمسة دراهم ولو كان لا زكاة على المسلم في ما دون المائتين وكذلك في الذهب والغلة والماشية، وكذا فعل خالد بن الوليد بنصارى تغلب في الشام فأجازه عمر وتؤخذ على تمام السنة من حين قهرهم الإمام وضربها عليهم وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة من حينه وهو ضعيف وكل ما صالحهم أعني أهل الكتاب الإمام عليه قبل القتال أو بعد القتال إن لم يكن غالبا فجائز عليهم أ. ه من الهيميان للقطب رحمه الله تعالى.
---------------------------------------------------------------------- -----
[1] في اللغة: صبأ الرجل إذا مال وزاغ فبحكم ميل هؤلاء عن سنن الحق، وزيغهم عن نهج الأنبياء قيل لهم الصابئة وقد يقال: صبأ الرجل إذا عشق وهوى. وهم يقولون الصبوة هي الانحلال عن قيد الرجال.
وإنما مدار مذهبهم على التعصب للروحانيين كما أن مدار مذهب الحنفاء هو التعصب للبشر الجسمانيين.
والصابئة: تدعي مذهبها الاكتساب، والحنفاء تدعي أن مذهبها هو الفطرة.
فدعوة الصابئة إلى الاكتساب، ودعوة الحنفاء إلى الفطرة.
راجع الملل والنحل 2: 63.
[2] سورة التوبة آية رقم 28 وتكملة الآية (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم).
[3] عند الإمام أحمد في المسند 1: 231 - ثنا حفص بن غياث ثنا حجاج بن أرطاة عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن ابن عباس قال: ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى يدعوهم.
[4] هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث، أبو محمد الزهري القرشي صحابي من أكابرهم، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذي جعل عمر الخلافة فيهم، وأحد السابقين إلى الإسلام وكان من الأجواد الشجعان العقلاء. ولد بعد عام الفيل بعشر سنين 44ق. ه وأسلم وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وجرح يوم أحد 21 جرحا، وأعتق في يوم واحد ثلاثين عبدا، وكان يحترف التجارة والبيع توفي عام 32ه.
صفحه ۳۰۲