الجنابة في الصورة الثالثة والبطلان في الأخيرة فقد عرفت ما فيه ولا حاجة إلى الإعادة وللمصنف (ره) في الذكرى بعد ما تكلم في تداخل المندوبة قال هذا كله مع اشتراكها في الندب أما لو جامعها الواجب فيشكل من حيث تضاد وجهي الوجوب والندب إن نوي لها معه ووقوع عمل بغير نية إن لم ينوها إلا أن يقال نية الوجوب يستلزم نية الندب لاشتراكهما في ترجيح الفعل ولا يضر اعتقاد منع الترك لأنه مؤكد للغاية ومثله الصلاة على جنازتي بالغ وصبي لدون ست بل الصلاة الواجبة انتهى وقد عرفت رفع الاشكال وأما دفعه (ره) به ففاسد لظهور التضاد بين الوجوب والندب بديهة وكون اعتقاد منع الترك مؤكدا للغاية لا معنى له نعم لو كان الندب محض رجحان الفعل لكان كما ذكره وظاهر كلامه مشعر باختصاص الاشكال بما إذا نوى الجميع وقد عرفت عدمه والشهيد الثاني (ره) قال في شرحه للارشاد في هذا المقام ومع انضمام الواجب يكفي أحد الامرين نية الواجب أو نية الجميع صرح به جماعة ولا يخلو من إشكال لتضاد الوجه واعتبار نية السبب ويمكن سقوط اعتبار السبب ها هنا دخوله تحت الوجوب كما في الأذكار المندوبة خلال الصلاة الواجبة على جنازتي من زاد على الست ونقص عنها مع أن بعض مشايخنا المعاصرين مع حكمه بالتداخل مطلقا أسقط اعتبار السبب عملا بظاهر الرواية ولأنه حكم شرعي فلا يتوقف على اختيار المكلف فيكون معناه سقوط الاستحباب وزيادة ثواب هذا الغسل على غيره وهو قريب انتهى وما ذكره من دخول المندوب إن أريد به استلزام نية الوجوب للندب كما قال المصنف (ره) ففاسد كما مر وإن أريد عدم الاحتياج الندب إلى النية بل يكفي نية الوجوب ففيه إن مع دلالة الدليل على اعتبار نيه السبب في المندوب مطلقا كما هو رأيكم فما يخصص هذا إلا أن يقال المخصص هو الروايات الدالة على التداخل وهذا إنما يصح لو لم يكن دليل اعتبار نية السبب عقليا غير قابل للتخصيص وأيضا لا يفي هذا برفع الاشكال لان غاية ما يلزم منه ارتفاع الاشكال بحسب النية وأما لزوم كون شئ واحد واجبا وندبا كما يلزم من القول بالاجزاء عن الجميع فلا يندفع به وما ذكره آخرا من سقوط الاستحباب فيرد عليه حينئذ أنه يشكل إثبات التداخل في صورة اجتماع الواجب والندب بيانه إن دليل التداخل أما العقل من حيث حكمه بصدق الامتثال وأما النقل من الروايات المتقدمة بحيث اعترفتم بامتناع اجتماع الوجوب والندب وسقوط الاستحباب حينئذ فقد اعترفتم بعدم الامتثال لهما فقد بطل الدليل الأول وأما الروايات فما يمكن أن يستدل به على هذا المطلب روايتا زرارة ومرسلة جميل وعلى هذا القول يلزم معارضتها للأحاديث الكثيرة الدالة على الاستحباب مطلقا فنقول حينئذ على تقدير تسليم صلاحية هذه الثلاثة للمعارضة ليس تقييد الروايات الكثيرة المطلقة بعدم الاجتماع مع الواجب أولى من تأويل هذه الثلاثة بل الاثنان منها وهو رواية زرارة في غسل الميت المجنب ورواية جميل لا يبعد القول فيهما بعدم الاحتياج إلى التأويل لظهورهما في اجتماع الواجبات لتبادر لفظ اللزوم والحرمة في الوجوب فبم يستدل إذن على ثبوت التداخل بمعنى سقوط الاستحباب إلا أن يقال لما حصل التعارض تساقطا معا ومع سقوط أدلة الاستحباب يسقط الاستحباب إذ الحكم الشرعي لا بد له من دليل لكن يرد أنه بم يعلم حينئذ زيادة الثواب على ذلك الفعل أو يقال إن التأويل في المعارضات أظهر منه في هذه وفيه إن مع تسليم أظهريته معارضته بالكثرة وأظهره السند فإن قلت بم تأول الرواية الأخرى لزرارة قلت أما قوله (عليه السلام) إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر إلى قوله غسل واحد فيمكن أن يحمل على أن المراد أن الغسل بعد الفجر مجز عن هذه الأمور بمعنى أن بعد الفجر وقت لهذه الأغسال لا أن غسلا واحدا مجزء عنهما جميعا وبعد تعيين الوقت حكم (عليه السلام) بأنه إذا اجتمعت عليك حقوق في هذا الوقت الذي علمت أجزائها عنك غسل واحد ويقيد الحقوق بالحقوق التي من جنس واحد في الوجوب والندب وهذا التأويل وإن كان بعيدا بالنسبة إلى الجنابة لان تعيين وقته بما بعد الفجر لا فايدة له لكن لا يخفى أنهم أيضا لا بد أن يأولوها بسقوط الاستحباب وليس هذا بأبعد منه كثيرا ويمكن أيضا أن يحمل على ظاهره من أجزاء الغسل بعد الفجر لها جميعا لكن يقيد بما إذا كان ما سوى غسل الجنابة واجبا أيضا بنذر أو شبهه أو يكون هو أيضا ندبا كما إذا كان قبل الوقت على القول بوجوبه لغيره وأما قوله (عليه السلام) وكذلك المرأة فيمكن أن يؤول بالأخير وبأنه ليس المراد إجزاء غسل واحد عن الجميع بل يكون بطريق اللف والنشر ويكون المراد إجزاء غسل الجنابة عن الحيض والاحرام والجمعة عن العيد ويؤيده اقحام لفظ الغسل بعد جمعها فتأمل فإن قلت كيف تأول رواية الفقيه المتقدمة قلت الامر فيها ظاهر لان القضاء إنما هو بأمر جديد فلم لا يجوز أن يكون صوم ذلك الرجل فاسدا لكن بشرط وجوب القضاء بعدم غسل الجمعة وإن كان مستحبا ولا يلزم أن يتداخل مع الواجب ويكون عدم القضاء لصحة الصوم والمولى الفاضل الأردبيلي (ره) في شرح الارشاد بعد أن ذكر وجهين في دفع هذا الاشكال من عدم وجوب الوجه أما مطلقا أو فيما نحن فيه للاخبار أو باختيار الوجوب ودخول المندوب فيه كما قلنا من الشهيد الثاني (ره) قال والذي أظن أن الاشكال لم يندفع بالكلية بما ذكرناه في نفس الامر إلا أن يقال معنى التداخل حصول ثواب معين مثلا لفعل واحد كما قاله في الشرح أو إن ليس حين الاجتماع أسباب بل يصير سببا واحدا فإن الظاهر أن المقصود من غسل الجمعة مثلا غسل هذه الأعضاء على الوجه المعتبر مطلقا سواء تحقق في ضمن الواجب مثل غسل الجنابة أو الحيض أو غيره بنية غسل يوم الجمعة وغيره من التوبة والزيارة انتهى ولا يخفى ما في قوله أو أن ليس (آه) إذ لو أريد بصيرورة الأسباب حينئذ سببا واحدا إن أسباب الاستحباب أيضا صارت أسبابا للوجوب ففساده ظاهر وإن أريد؟؟؟ سبب الاستحباب عن السببية
صفحه ۶۷