وأما الاحتمال الذي نقلنا من الشيخ في التهذيب فلا مستند له مما وقفنا عليه من الروايات فالقول به بعيد جدا مع أن بعض الأخبار ظاهرا على عدم نقض هذه الصورة بخصوصها كما لا يخفى تذنيب قد ظهر مما سلف أن ما يخرج من الإحليل غير البول أربعة المني والمذي والودي بالدال المهملة والوذي بالمعجمة أما المني فسيجئ حكمه إنشاء الله تعالى وأما المذي فقد عرفت حاله من الخلاف فيما يخرج منه بشهوة والوفاق في غيره وأما الودي بالدال المهملة فهو ماء ثخين يخرج عقيب البول فقد نقل الاتفاق أيضا من علمائنا رحمهم الله على عدم نقضه ويدل عليه أيضا بعض الروايات السابقة لكن يعارضه بعض آخر وسيجئ تفصيل القول فيه إنشاء الله تعالى في مبحث الاستبراء وأما الوذي بالذال المعجمة فلم يتشخص معناه لان ما وقفنا عليه من كتب اللغة لم يذكروا شيئا مناسبا وفي الرواية السابقة فسر بما يخرج من الأدواء والأدواء كأنه جمع داء على ما في الصحاح فالمراد حينئذ ما يخرج بسبب الأمراض ولا يخلو من بعد وفي بعض نسخ الاستبصار الأوداج بدل الأدواء وكأنها أريد بها العروق مطلقا وإن كان الودج في الأصل عرق في العنق ولعل هذا أنسب من الأول وقال الصدوق (ره) في الفقيه الودي ما يخرج عقيب المني والحاصل أنه فيه إبهاما لكن غير ضائر لظهور الحكم في جميع ما يخرج من الإحليل وإن شك في تسمية بعض أفراده لان ما سوى المني والبول والودي إما معلوم دخوله تحت المذي والوذي أو مشكوك أو معلوم خروجه عنهما وعلى التقادير الظاهر فيه عدم النقض أما على الأول فإن كان داخلا تحت المذي فقد ظهر حاله وإن كان تحت الودي فالظاهر فيه أيضا عدم النقض للأصل والروايات الدالة على الحصر وعدم نقض الطهارة بالشك في الحدث وبعض الروايات السابقة الدالة على الوذي مخصوصة وأما على الثاني والثالث أيضا فكذلك بعين ما ذكرنا والله أعلم (والتقبيل عنها ومس الرجل فرجها) الضمير في الأول راجع إلى الشهوة وفي الثاني إلى المرأة لدلالة الشهوة عليها ذهب إلى عدم النقض أكثر علمائنا وقال ابن الجنيد من قبل بشهوة للجماع ولذة في المحرم نقض الطهارة والاحتياط إذا كانت في محلل إعادة الوضوء وقال أيضا أن مس ما انظم عليه الثقبان نقض وضوئه مس ظهر الفرج من الغير إذا كان بشهوة فيه الطهارة واجبة في المحرم والمحلل احتياطا ومس باطن الفرجين من الغير ناقض للطهارة من المحلل والمحرم والظاهر قول الأكثرين لنا الأصل والروايات الدالة على الحصر وما رواه التهذيب في باب الاحداث في الصحيح عن الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن القبلة ينقض الوضوء قال لا بأس وفي الصحيح أيضا عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ليس في القبلة ولا المباشرة ولا مس الفرج وضوء وهذه الرواية في الفقيه أيضا مرسلة في باب ما ينقض الوضوء والظاهر أن المراد بالمباشر الملامسة بقرينة الرواية السابقة وإن أمكن إرادة الجماع أيضا لان فيه الغسل لا الوضوء وما رواه في هذا الباب أيضا عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلته عن رجل مس فرج امرأته قال ليس عليه شئ وإن شاء غسل يده والقبلة لا يتوضأ منه واستدل عليه أيضا العلامة (ره) في المنتهى والمختلف والمصنف في الذكرى بمرسلة ابن أبي عمير المتقدمة في المذي وفيه إن الظاهر أن قوله (عليه السلام) ولا من الانعاظ إلى آخر الحديث عطف على من الشهوة ويكون المعنى إن المذي من هذه الأمور ليس فيه وضوء لا أنه معطوف على المذي حتى يدل على المدعى وذلك بوجهين أحدهما إيراد كلمة من دون في والثاني قوله (عليه السلام) في آخر الحديث ولا يغسل من الثوب والجسد وعلى تقدير عدم الظهور فيه لا ريب في مساواته للاحتمال الاخر فلا دلالة على المطلوب والقول بأن المذي من هذه الأمور إذا لم يكن ناقضا لم يكن أنفسها أيضا ناقضة بط واحتج ابن الجنيد بما روي أيضا في هذا الباب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا قبل الرجل المرأة من شهوة أو مس فرجها أعاد الوضوء والجواب بعد القدح في صحة السند أنه محمول على الاستحباب للجمع ولعدم الظهور في الوجوب أو على التقية والشيخ حمله على غسل اليد لأنه قد يسمى وضوءا أيضا وفيه بعد لا بألفظة أعاد منه (والصدوق (ره) مس باطن الدبر والإحليل أو فتحة) والمشهور بين الأصحاب عدم النقض بهذه الأمور وقال الصدوق (ره) في الفقيه وإن مس الرجل باطن دبره أو باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة وإن فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة والمعتمد المشهور للأصل والشهرة والرواية الدالة على الحصر وما رواه التهذيب في باب إحداث الزيادات في الموثق عن سماعة قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل مس ذكره وفرجه أو أسفل من ذلك وهو قائم يصلي أيعيد وضوئه قال لا بأس بذلك إنما هو من جسده وما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يعبث بذكره في الصلاة المكتوبة قال لا بأس به حجة الصدوق (ره) ما رواه في الباب المذكور في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره قال ينقض وضوئه وإن مس باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة وإن فتح إحليله أعاد الوضوء وأعاد الصلاة والجواب بعد القدح في السند بالحمل على الاستحباب للجمع أو على التقية أو على مصادقة شئ من الاحداث كما قال الشيخ (ره) في الاستبصار وأمر الاحتياط واضح. كله لم يثبت قد ظهر وجهه مما تقدم ولا ينقض لمس المرأة يدل عليه مضافا إلى الأصل والروايات الحاصرة
صفحه ۶۰