مقيد والمطلق يجب حمله على المقيد فلا يصح التأويل في المقيد والمرسلتان أيضا لا يصح التأويل في المقيد والمرسلتان أيضا لا يصلحان للتعارض باعتبار السند قلت أما ما ذكرت من أن المطلق يجب حمله على المقيد فليس بمسلم مطلقا لان حمل المطلق على المقيد لا بد من ارتكاب خلاف ظاهر فيه البتة فلو جاز تأويل في المقيد لم يكن ارتكاب خلاف الظاهر فيه أكثر منه في الأول لم يتعين حمل المطلق على المقيد بل مع التساوي يحكم بالتوقف ومع النقصان يرتكب التأويل في المقيد وما نحن فهي من قبيل الأخير لان المذي إن لم نقل بأنه يستلزم أن يكون عقيب الشهوة كما يشعر به كلام أهل اللغة ومرسلة ابن رباط المتقدمة وكلام الفقيه حيث فسره بما يخرج قبل المني حتى لا يكون تعارض الروايات من باب تعارض المطلق والمقيد بل من باب تعارض المطلقين أو المقيدين فلا يستريب أحد أن الغالب منه ما يكون عقيب الشهوة فحينئذ نقول حمل تلك الروايات الكثيرة الحاكمة على عدم نقض المذي بالاطلاق وعلى الفرد النادر الغير المتعارف منه أشد خلافا للظاهر من حمل تلك الروايات على الاستحباب خصوصا مع ما يؤيد ذلك الحمل من صحيحة ابن بزيع المتقدمة وخصوصا مع لزوم ارتكاب التأويل في الروايات الدالة على الحصر على تقدير عدم ذلك الحمل وعلى تقدير تسليم التساوي في خلاف الظاهر فيحكم بالتساقط والأصل معنا مع روايات الحصر وأما ما قلته من عدم صلاحية المرسلتين للمعارضة ففيه أيضا شئ لان مراسيل ابن أبي عمير قد تلقوها بالقبول خصوصا هذه المرسلة لأنه قد رواها غير واحد من أصحابنا خصوصا مع اعتضادها بالمرسلة الأخرى والمطلقات وقد يقال بحمل هذه الرواية على التقية لان الجمهور مطبقون على النقض بالمذي وفيه إن إطباق الجمهور على النقض بالمذي مطلقا لا ما هو عقيب الشهوة فقط كما هو الظاهر فحمل هذه الرواية على التقية غير مناسب ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سئلت الرضا (عليه السلام) عن المذي فأمرني بالوضوء منه ثم أعدت عليه في سنة أخرى فأمرني بالوضوء وقال إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمر المقداد ابن الأسود أن يسئل النبي (صلى الله عليه وآله ) واستحيى أن يسئله فقال (صلى الله عليه وآله) فيه الوضوء والجواب أن هذا الراوي روى هذا الحديث بعينه مع زيادة كما نقلنا ولا شك أن الراوي إذا روى الحديث تارة مع زيادة وتارة بدونها عمل على تلك الزيادة إذا لم يكن مغيرة ويكون بمنزلة الروايتين قال العلامة (ره) في المنتهى لا يقال الزيادة ها هنا مغيرة لأنها تدل على الاستحباب مع أن الخبر الخالي منها تدل على الوجوب لأنا نقول هذا ليس بتغيير بل هو تفسير لما دل عليه لفظ الامر لأنه لو كان تغييرا لكان الخبر المشتمل على الزيادة مناقضا انتهى وأيضا قصة أمير المؤمنين (عليه السلام) مع المقداد قد روى بطريق مخالف له كما نقلنا عن إسحاق بن عمار وذلك يضعف الظن به وأيضا يحمل على الاستحباب للجمع مع أن هذه الرواية مطلقة ولا بد لابن الجنيد أن يحمله على المذي بشهوة حتى يصير موافقا لمذهبه وحمله على التقييد ليس بأولى من حملها على الاستحباب فإن قلت كيف يجمع بين هذه الرواية وبين سابقتها على تقدير حملهما على الاستحباب كما حملت لان الأولى حينئذ تدل على عدم الاستحباب فيما ليس بشهوة وهذا تدل على الاستحباب فيه مطلقا قلت إن قلنا بأن المذي ما يكون من شهوة فالامر ظاهر لعدم المنافاة وحينئذ أما أن يقال بأن المذي الواقع في كلام السايل في الرواية الأولى مجاز عن الأعم منه ومن الماء الذي يخرج بغير شهوة أو يحمل على حقيقته ويقال أن ضمير كان في قوله (عليه السلام) راجع إلى الماء الخارج بقرينة المقام فكان السايل انما سئله عن المذي لكن أجابه (عليه السلام) ببيان ضابطة يعلم به حكم جميع المياه التي تخرج وليس ذلك ببعيد وإن لم نقل به بل بتعميمه فنقول يمكن أن يكون للاستحباب مراتب بعضها فوق بعض ففي الرواية الأولى المراد الاستحباب المؤكد فيما تخرج من الشهوة ونفيه عن غيرها وفي الثانية الاستحباب المطلق فيهما معا وقد مر نظيره سابقا وأيضا يجوز حملها على التقية لما عرفت ومنها ما رواه في هذا الباب في الصحيح عن يعقوب بن يقطين قال سئلت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يمذي وهو في الصلاة من شهوة أو من غير شهوة فقال المذي منه الوضوء والجواب أنه محمول على التقية أو الاستحباب جمعا بين الاخبار وقيل إن كون السؤال عن المذي في الصلاة يوجب ضعف الحمل على الاستحباب وليس بظاهر إذ لا بعد في استحباب قطع الصلاة حينئذ واستينافها بعد الوضوء كما لا يخفى والشيخ (ره) حمله في التهذيب على التعجب ولا يخلو من بعد وأنت خبير بأن هذه الرواية لا يصلح أن يكون متمسكا لابن الجنيد للتصريح فيها بالتعميم فعلى تقدير ظهورها في الوجوب كما يكون مناقضة لمذهب الأكثرين تكون مناقضة لمذهبه أيضا فهم يأولونها بالاستحباب وهو بالرجحان المطلق ولا رجحان لتأويله حتى يكون متمسكا له ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن الكاهلي قال سئلت أبا الحسن (عليه السلام) عن المذي فقال ما كان منه لشهوة فيتوضأ منه والجواب أما أولا فبالقدح في السند لان الكاهلي لم يوثق وبعض رجاله أيضا غير إمامي وأما ثانيا فبالحمل على الاستحباب للجمع ولعدم الظهور في الوجوب ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) المذي الذي يخرج من الرجل قال أحدثك فيه حدا قال قلت نعم جعلت فداك قال فقال إن خرج منك على شهوة فتوضأ وإن خرج منك على غير ذلك فليس عليك فيه وضوء والجواب عنه أيضا بالقدح في السند وبالحمل على الاستحباب هذا
صفحه ۵۹