(عليه السلام) قال أذنان وعينان ينام العينان ولا ينام الأذنان وذلك لا ينقض الوضوء فإذا نامت العينان والأذنان انتقض الوضوء هذا جملة ما يمكن أن يستدل به على المطلب وأنت خبير بأنه كما دلت الروايات على نقض النوم كذلك دلت على اشتراطه بإزالة العقل وإبطال السمع والبصر فابتداء النوم الذي لم يصل إلى ذلك الحد لم يكن ناقضا للاشتراط المذكور مع أنه لا يسمى نوما أيضا بل سنة وقال العلامة في التذكرة لو شك في النوم لم ينتقض طهارته وكذا لو تخايل له شئ ولم يعلم أنه منام أو حديث النفس ولو تحقق أنه رؤيا نقض انتهى والظاهر أن ما ذكره آخرا من أنه لو تحقق أنه رؤيا نقض محل نظر إذ يمكن أن يتحقق الرؤيا مع عدم إبطال السمع والعقل إذا قوي الخيال كما تشهد به التجربة وحينئذ فالحكم بالنقض مشكل والله أعلم فإن قلت كيف تجمع بين هذه الروايات والروايات السابقة الدالة على حصر الناقض في الثلاثة أو فيما يخرج من السبيلين قلت نحمل الحصر على الحصر الإضافي بالنسبة إلى آخر غير أشياء النوم مما وقع الخلاف في نقضه كما سيجئ أو نقول بتخصيصها بها وأما ما يمكن أن يستدل به على التقييد ببعض الأحوال فروايات أيضا منها الروايتان المتقدمتان المنقولتان في المختلف عن الفقيه والجواب عنهما أما عن الأولى فبالقدح في السند لان سماعة واقفي وأيضا في طريق الفقيه إليه عثمن ابن عيسى العامري وهو مجهول ويمنع دلالتها على خلاف ما ذهبنا إليه لان المراد من خفق الرأس ابتداء النوم بحيث لا يصل إلى حد النقض قال في الصحاح خفق الرجل حرك رأسه وهو ناعس والظاهر أن النعاس ابتداء النوم وعلى تقدير ظهورها في خلافه فليحمل عليه جمعا بينها وبين ما ذكرنا وأيضا يمكن حملها على التقية لأنهم ذهبوا إلى أن النوم في الصلاة ليس بناقض كما نسب إلى أبي حنيفة وأما عن الثاني فبالقدح في السند أيضا للارسال وبالحمل على التقية؟
إلى أن النوم قاعدا ممكن مع المقعدة من الأرض لا ينقض كما نسب إلى الشافعي ومنها ما رواه الشيخ (ره) في الباب المتقدم عن عمران بن حمران أنه سمع عبدا صالحا يقول من نام وهو جالس لم يتعمد النوم فلا وضوء عليه وفيه أيضا القدح في السند لان عمران بن حمران مجهول والحمل على التقية مع جواز حمل قوله (عليه السلام) وهو جالس لم يتعمد النوم على أنه لم يصل إلى حد يبطل عقله ولم يستحفظ نفسه ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن بكر بن أبي بكر الحضرمي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) هل ينام الرجل وهو جالس فقال كان أبي يقول إذا نام الرجل وهو جالس مجتمع فليس عليه وضوء وإذا نام مضطجعا فعليه الوضوء والجواب عنه أيضا بالطعن في السند لان بكر بن أبي بكر مجهول وبالحمل على التقية كما عرفت وكان في قوله (عليه السلام) كان أبي يقول إيماء إليه ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يخفق وهو في الصلاة فقال إذا كان لا يحفظ حدثا منه إن كان فعليه الوضوء وأعاده الصلاة وإن كان يستيقن أنه لم يحدث فليس عليه وضوء ولا إعادة وفيه أيضا الطعن في السند لان في طريقه محمد بن الفضل وهو مشترك والحمل على التقية واعلم إن الشيخ (ره) أول الخبرين السابقين عليه بأن معناهما إن النوم إذا لم يغلب على العقل ويكون الانسان معه متماسكا ضابطا لما يكون منه لم يكن ناقضا فأورد هذا الخبر الأخير للدلالة على صحة تأويله وأنت خبير بأنه (ره) إن كان معتقده النوم ناقض في نفسه وليس نقضه باعتبار احتمال وقوع الحدث فيه لكن بشرط أن يذهب العقل والسمع كما يدل عليه ظاهر الروايات المتقدمة والظاهر أنه المشهور أيضا ففي تأييد هذه الرواية لمطلبه نظر إذ ظاهرها أن نقض النوم باعتبار احتمال الحدث لا باعتباره في نفسه حتى إذا استيقن أنه لم يحدث لم يكن ناقضا وإن اعتقد عدم نقضه في نفسه بل باعتبار احتمال الحدث فدلالتها حينئذ على مدعاه ظاهرة لكنه خلاف ظاهر الروايات المتقدمة وخلاف ظاهر المشهور ولذا لم نذكر هذه الرواية في طي أدلة المذهب المشهور بل أوردناها في المعارضات فإن قلت أي فائدة في هذا الفرق إذ اليقين بعدم الحدث إنما يكون عند عدم زوال العقل والسمع ومع زوالهما لا يقين البتة قلت يمكن أن يحصل اليقين بعدم الحدث مع زوال العقل والسمع بأخبار معصوم مثلا وحينئذ يظهر الفائدة ولا يذهب عليك أن هذه الرواية وإن كان ظاهرها ما ذكرنا لكن يمكن حلمها على ظاهر الروايات وظاهر المشهور كما لا يخفى فليحمل عليه جمعا بين الاخبار (ولو تقديرا) أي إذا كان فاقدا للسمع أو البصر قدر أنه لو كان واجدا لهما هل يحس أو لا وأنت خبير بأن هذا التقدير في غاية التعسر لكن قد علمت أيضا إناطة الحكم بذهاب العقل ووجد أن طعم النوم وعلى هذا الامر سهل لسهولة الاطلاع عليها (ومزيل العقل) اختلف عبارة الأصحاب (ره) ها هنا فالشيخ (ره) في ضمن تعداد نواقض الوضوء قال وكلما أزال العقل من اغماء وجنون وسكر وغير ذلك وقال في النهاية المرض المانع من الذكر وقال المفيد في المقنعة المرض المانع من الذكر والاغماء ومثله قال علم الهدى في المصباح وقال في جمل العلم النوم وما أشبهه من الجنون والمرض وقال ابن الجنيد كلما غلبت على العقل كالغشي والفرغة إذا تطاولت والظاهر أن المراد في الكل واحد والظابط زوال العقل قال المحقق (ره) في المعتبر وضابطه كلما غلب على الحاستين وفيه ما لا يخفى لان الجنون والسكر لا يغلب على الحالتين فالأولى ما ذكرنا لا يقال ليس مراده إن ضابط الأقوال هذا بل ما ضابط يعتقد نقضه من هذه الأمور هذا فكأنه اعتقد نقض الغالب على الحاسين فقط لأنه يصرح بعد ذلك بنقض السكر ونقض الجنون أيضا الظاهر أنه اجماعي فلا يجوز حصر الناقض في الغالب فقط
صفحه ۵۶