قالوا: «فلم يزالوا بعلي حتى أجمع ألا يقوم دونه.» •••
والحق أن عليا بذل النصح لعثمان وأبان له الخطة الرشيدة وأنقذه من مآزق محرجة ولكن:
متى يبلغ البنيان يوما تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
ولقد قال علي قولته الشهيرة التي تدل على تألمه الشديد من تردد عثمان: «وما يريد عثمان أن ينصحه أحد، اتخذ بطانة أهل غش ليس منهم أحد إلا قد تسبب بطائفة من الأرض يأكل خراجها ويستذل أهلها.»
وهذه الجملة على شدتها فيها كثير من الصدق، وإن كان في آخرها شيء من المغالاة. •••
وماذا يصنع علي بعد أن هدأ ثائرة الناس وخفف من غلوائهم إذ أعطاهم عثمان مهلة ثلاثة أيام، فلما انتهت واجتمعوا على بابه، مثل الجبال - كما يقول المؤرخون - قال عثمان لمروان: «اخرج فكلمهم فإني أستحي أن أكلمهم.»
قالوا: فخرج مروان إلى الباب - والناس يركب بعضهم بعضا - فقال: «ما شأنكم؟ قد اجتمعتم كأنما قد جئتم لنهب؟ شاهت الوجوه، كل إنسان آخذ بأذن صاحبه! جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟ اخرجوا عنا، أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم، فإنا والله ما نحن بمغلوبين على ما في أيدينا!» •••
فكانت هذه الخطبة - المملوءة حمقا ورعونة - شرارة شديدة الأثر في إلهاب نار الثورة.
11
صفحه نامشخص