نموذج من قصصه
وإليك نموذجا من قصصه الذي كان يذيعه بين الناس مؤيدا به مذهبه ووجهة نظره، فقد كان يكثر من حمد الله والصلاة على نبيه وعلى أبي بكر وعمر ليمهد بذلك إلى الطعن على عثمان وعلى كافة المسلمين، والتحريض على سفك الدماء وقتل الأبرياء، ومما نذكره من كلامه قوله: إن فراق الفاسقين حق على المؤمنين، قال تعالى في كتابه:
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون .
إلى أن يقول: «ألا إن من نعمة الله على المؤمنين أن بعث فيهم رسولا من أنفسهم، فعلمهم الكتاب والحكمة وزكاهم وطهرهم ووفقهم في دينهم، وكان بالمؤمنين رءوفا رحيما. حتى قبضه الله
صلى الله عليه وسلم
ثم ولي بعده النقي الصديق - على الرضى من المسلمين - فاقتدى بهديه واستن بسنته حتى لحق بالله - رحمه الله - واستخلف عمر فولاه الله أمر هذه الرعية، فعمل بكتاب الله وأحيا سنة رسول الله ولم يخف في الله لومة لائم حتى لحق به رحمة الله عليه.»
ومتى أتم مدحه الرسول وخليفتيه انتقل إلى بيت القصيد الذي مهد إليه بهذا التمهيد، وهو الطعن على كل مسلم لا يرى رأي الخوارج وسب الخليفتين عثمان وعلي ومن تلاهما من الخلفاء، فيقول: «وولي المسلمين - من بعده - عثمان فاستأثر بالفيء وعطل الحدود وجار في الحكم واستذل المؤمن وعزز المجرم، فسار إليه المسلمون فقتلوه فبرئ الله منه ورسوله وصالح المؤمنين.
وولي أمر الناس - من بعده - علي بن أبي طالب فلم ينشب أن حكم في أمر الله الرجال، وشك في أهل الضلال، فنحن من علي وأشياعه برآء.»
ومتى انتهى من هذه المرحلة الثانية، وهي الطعن على عثمان وعلي ومن سار على أثرهما، اتخذ من طعنه تكأة للوصول إلى غرضه الذي أراد التمهيد إليه، وهو الثورة وإشعال نار الفتنة عن طريق التظاهر بالغضب للدين والغيرة عليه والحث على طاعة الله، فيقول: «فتيسروا - رحمكم الله - لجهاد هذه الأحزاب المتحزبة وأئمة الضلال الظلمة، وللخروج من دار الفناء إلى دار البقاء، واللحاق إلى إخواننا المؤمنين الموقنين الذين باعوا الدنيا بالآخرة، وأنفقوا أموالهم التماس رضوان الله في العاقبة.
ولا تجزعوا من القتل في الله فإن القتل أيسر من الموت، والموت نازل بكم غير ما ترجم الظنون، فمفرق بينكم وبين آبائكم وأبنائكم وحلائلكم ودنياكم، وإن اشتد لذلك كرهكم وجزعكم.
صفحه نامشخص