وكذلك قيام الحوادث به وعدمه، بل لو قال القائل: أنا أقول بما دل عليه الكتاب من أن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وما جاءت به الأحاديث الصحيحة، وأقر بمعاد الأبدان والأرواح، ونحو ذلك مما ثبت بالكتاب والسنة. ولا أقول بما يقوله طوائف من أهل الكلام: من فناء جميع العالم وعدمه / (¬2)؛ فإن هذا لم يدل عليه النص والإجماع، بل النصوص تدل على خلاف ذلك. ولا ألتزم أن جميع الأجسام محدثة عن عدم؛ فإن هذا أيضا لم يدل عليه الكتاب والسنة ولا الإجماع، بل ولا قاله أيضا أحد من سلف الأمة وأئمتها: كان هذا القول أحق بالحق وأتبع له من أقوال أهل الكلام الذين ناظروا الفلاسفة، فأرادوا أن يثبتوا حدوث جميع الأجسام عن عدم، وأن جميعها تعدم وتفنى.
فإن هذه الأقوال لا توافق الكتاب والسنة، بل تخالف ذلك.
فإن المتفلسفة لما قالوا بقدم المحدث والقديم، وبقائهما وأزليتهما: عارضهم هؤلاء وناقضوهم في الحكم والدليل، حتى التزموا حدوث القديم، وفناء كل مخلوق، وأمثال ذلك.
والحق ما جاء به الكتاب والسنة، وكان عليه سلف الأمة.
صفحه ۱۶۱