تأمل حكومة جلالة الملك بأن هذه المفاوضات العتيدة في لندن ستساعد على الوصول إلى اتفاق فيما يتعلق بسياسة فلسطين في المستقبل. وعليه إذا لم تسفر المفاوضات في لندن عن الوصول إلى اتفاق في زمن معقول؛ فإن حكومة جلالة الملك ستتخذ لنفسها قرارا على ضوء التحقيق الذي تم إلى الآن في الموضوع، وعلى ضوء المباحثات بلندن، وتعلن حينئذ السياسة التي ستقرر اتباعها.
سابعا:
وستأخذ حكومة جلالة الملك بعين الاعتبار على الدوام عند بحث وتقرير السياسة التي ستتبع الصفة الدولية للانتداب الذي عهد به إليها والالتزامات الناتجة عنه. (4) الإرهاب اليهودي في عام 1944م
وفي سنة 1944م، نشطت الجمعيات الثورية اليهودية مرة أخرى في فلسطين، كان من عواقبها، أن أفضى في صدد ذلك وزير المستعمرات البريطانية يومئذ، مستر إليفر ستانلي، ببيان جاء فيه ما يلي:
في ليل 27 سبتمبر سنة 1944م، اعتدي على أربعة مراكز للبوليس. وكان المعتدون من أعضاء جمعية «إيرجون رقاي ليومي»، وهي هيئة عسكرية تابعة للجمعيات الصهيونية الجديدة. وقام بوضع خطط الاعتداء وتنفيذها قوة تقدر بنحو 150 رجلا على الأقل مسلحين بالقنابل والأسلحة الأوتوماتيكية. وقتل عدد من جنود البوليس الفلسطيني. ومن السكان المدنيين. وأصيبت بنايات البوليس بخسائر فادحة. وقتل عدد من الإرهابيين أيضا، وقبض على اثنين منهم، أصيب أحدهما بجرح، واستولت السلطات على كميات من الذخيرة، وعلى قنبلتين، ورايات لهذه الجمعية، وفي صباح يوم 29 سبتمبر اغتيل المستر ويلكن، وهو ضابط بوليس بريطاني كبير من رجال قسم المباحث الجنائية في أثناء ذهابه إلى مكتبه في القدس. ونجا القتلة، وفي ليل 5-6 أكتوبر أغار خمسون شخصا على مكاتب «مصلحة الصناعات الخفيفة»، ومخازنها في تل أبيب. وكان بعض المغيرين مسلحا، ونقلوا منسوجات تبلغ قيمتها 100000 جنيه. وقد أعلن هؤلاء المغيرون أنهم أعضاء جمعية «إيرجون زفاي ليومي».
وليس من شك في أن هذه الاعتداءات التي يراد بها الترويج لأغراض سياسية تعوق سير الجهود التي تبذلها الدول المتحالفة في سبيل الحرب بصورة خطيرة، وهي من صنع طائفة صغيرة نسبيا من المتطرفين. وقد استنكرها المسئولون من زعماء اليهود في فلسطين وفي جميع أنحاء العالم.
وإني لعلى ثقة بأن مجلس العموم كله سيشترك معي في استنكار هذه الاعتداءات، وفي إبداء العطف على ضحايا هؤلاء السفاحين المجرمين. «هتاف».
ولما سأل الكولونل أرثو إيفانس العضو عن حزب المحافظين عن الطريقة التي حصل بها هؤلاء الرجال على هذه الأسلحة الأوتوماتيكية والذخائر وعن التدابير التي اتخذت لإعادة النظام إلى نصابه، قال المستر ستانلي في رده: إنه في خلال السنوات الخمس الماضية كثرت حركة تنقلات الجنود في الشرق الأوسط، ولا شك في أن كمية معينة من الأسلحة قد سرقت أو بيعت لهم في بعض الحالات.
وتكلم بعده الأيرل ونترتون من المحافظين فقال: هل يعلم المستر ستانلي أن الذين لهم اتصال منا بالشعب هناك «أي في فلسطين» قد جزعوا للمعلومات التي وصلت إليهم، وهي معلومات تدل على أن الفريقين يتسلحان استعدادا لحرب أهلية بعد هذه الحرب؟ فهل للمستر ستانلي أن ينظر في أمر إصدار «كتاب أبيض» في هذا الموضوع؛ حتى يدرك أهل هذه البلاد «إنجلترا» خطورة الحالة، ويشعروا بما تعانيه الحكومة في فلسطين من ضغط لا يحتمل؟
فأجابه المستر ستانلي بقوله: إنه من أهم الأشياء أن يدرك الناس خطورة الحالة هناك، وسأنظر في الطريقة التي أستطيع بها إبلاغ الجمهور البريطاني في الأمر.
صفحه نامشخص