وليس شيء من الأشياء يبقى فلا يفنى ، ولا يصح له أبدا هذا الذكر والمعنى ، إلا الله في البقاء والدوام ، كما قال سبحانه : ( كل من عليها فان (26) ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام (27)) [الرحمن : 26 27]. و ( كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ) [القصص : 88] ، ولكفى دليلا ببقائه وفناء كل ما سواه على تعاليه عن مشابهة الأشياء لقوم يعقلون.
وكيف يشبه الباقي الفاني؟! في معنى ما كان من المعاني ، فمن توهم الله جل ثناؤه أجزاء وأعضاء ، أو أبعاضا يصل بعضها بعضا ، أو اعتقد أنه يرى ، أو رؤي قط فيما خلا ، بعين أو بصر أو رؤية أو نظر ، أو أنه يدرك بحاسة من حواس البشر ، أو وصفه سبحانه بكف أو بنان ، أو بفم أو لهوات (1) أو لسان ، فقد شبهه بما خلقه جل ثناؤه من الانسان ، وبري واصفه بذلك من المعرفة له والإيقان ، وقال في الله من ذلك بالزور والبهتان ، وخالف كلما نزل الله في ذلك من النور (2) والفرقان ، فهو لرب العالمين من أجهل الجاهلين ، وهو بالله جل ثناؤه من المشركين ، وبما اعتقد في ذلك من أهلك الهالكين ، فهذه صفته تبارك وتعالى في الإنية والذات ، وهي صفة واحدة ليست فيه جل ثناؤه بمختلفة ولا ذات أشتات ، ولو كانت فيه مختلفة غير واحدة ، لكان اثنين وأكثر في الذكر والعدة. وإنما صفته سبحانه هو (3) وأنه كذلك في التوراة (4)، قال تعالى لموسى عليه السلام عند المناجاة ، : (إني أنا الله إلهك ، وإله آبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب). (5) وكذلك قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار
صفحه ۶۳۸