وكان الاعتدال والنزاهة في الفصل في الخصومات هي المبدأ المعترف به نظريا. أما في العمل فقد كانت محاباة الطوائف تؤثر في سير العدالة، فقد حكم ببتر ساق أحد أفراد السودرا لأنه اعتدى بها على البرهمة، فإذا حدث الاعتداء من الأخير لم يعاقب بالعقوبة ذاتها.
وإذا شتم أحد المحاربين قسيسا غرم الأول 50 إپانا، أما إذا كان الجاني هو القسيس فكانت الغرامة 50 پانا وحسب، فإذا كان المجني عليه عبدا نزلت الغرامة إلى 12 وحسب.
وكانت القوانين تقوم على آراء دينية «دهارما»، والاتفاق وعادات القرى والطوائف والأسر والأوامر الملكية. أما القانون المدني فقد نظم شئون الزواج والمهر والتركات والمساكن والاعتداء على الجار والدين والعبيد والعمل والعقود والبيوع. أما الطلاق فإنه يتم بإرادة الزوجين، وللزوجة أن تقترن بآخر.
أما قانون العقوبات فكان شديدا ومثمرا، فقد روى سترابو في «العهد القديم» نقلا عن الماجاسشينز، أنه كانت تحدث في اليوم الواحد في معسكر يتألف من 400 ألف جندي، سرقات لا تزيد قيمتها على 200 دراخمه. وإلى جانب هذه الجرائم المعروفة، كان هناك عقاب على الزنا والقذف وتزييف العملة ومخالفة قواعد الطائفة والمقاطفة والأعمال التي كان يقترفها المستخدمون والتآمر على المساس بالأسعار والغش في الموازين والمقاييس والجرائم السياسية وسوء سلوك الموظفين.
وكان للجمعيات المحلية أن تنظر في القضايا ويفصل فيها القضاة في المدن، وعند الحاجة ترفع إلى الملك نفسه، إذا ما استؤنف الحكم فيها عن طريق المحاكم العليا. وكان يجلس إلى جانب القضاة الثلاثة، ثلاثة براهمة لتوضيح القانون المقدس. وكان الشهود يؤدون اليمين أمام البراهمة وإناء الماء أو النار، ويواجه بعض الشهود ببعضهم الآخر. وكانوا يمنحون أجورا للسفر يؤديها من خسر الدعوى المدنية، وكانوا يغرمون إذا ما حرفوا أقوالهم، ويجوز تعذيب المتهم إذا لم يكن من البراهمة إلى أن يعترف بجريمته، وكان يراعى في تقدير العقوبة - عدا عقوبة الجناية العظمى - حالة الجاني والمجني عليه، ومن أجل هذا كانت جسامة العقوبة تختلف في الجريمة الواحدة من الغرامة إلى الموت، أما البرهمي فكان يحكم عليه بالإرسال إلى المناجم أبديا بدلا من الموت. على أن القانون كان يحمي الضعيف على نوع ما، كما كانت المرأة تراعى من ناحية الأمومة.
وبعد أن كانت العقوبة تنفذ بالتعذيب في النار أو الماء تلونت في تسع صور تبعا لنوع التهمة، وثمة طريقة تدعى إلى الآن «أدهارنا» لرد الدين، وخلاصتها أن يقوم المضرور وهو جالس على عتبة باب الخصم إلى الموت أو يذعن المعتدي.
وكانت مدينة پاتاليبوترا العاصمة، مقسمة أربعة مراكز لكل منها حرس وتنظمها لوائح في صدد ما يتخذ من التدابير في حالة الحريق أو فقد المتاع وما إلى هذا.
وقد نهضت المهن خاصة ما كان يتصل منها بالمعادن النفيسة والمنسوجات. ففي الجماعات التجارية أنشئت الأندية والنقابات وجعل على رأسها أغنياء التجار واعترف بها رسميا، وكان المشرف على التجارة يراقب حركة توزيع البضائع التي تعد قائمة بها ويراقب تحديد أسعارها.
وكانت الواردات تشجع بالرسوم المشجعة، أما البضائع الأخرى كجلود آسيا الوسطى وموسولين الصين فتؤدى عنها رسوم عند الحدود ورسوم داخلية أخرى عند أبواب المدينة، وكانت الرسوم الجمركية تختلف بين خمسة وعشرين وبين خمس قيمة البضاعة. أما الأدوات الخاصة بشئون العبادة فكانت معفاة، وكانت الرسوم الداخلية تحصل عن المنتجات المحلية حين ترسل إلى السوق، وكان شراؤها من المزارع محرما؛ خشية التملص من دفع الرسوم عنها، وكان يعاقب على التهريب كما تعاقب عليه الأمم المتمدينة في الوقت الحاضر.
وكانت «الأرثارزاسترا» تحذر الملك نفسه حين يشتغل بالتجارة من الاستغلال، فقد كانت مخازنه المنتشرة في المملكة ملأى بما تخرجه مصانعه ومعامله وسجونه وبحاصلات مزارعه وغاباته ومناجمه الخاصة، وكان للطبقات العالية في المملكة صفة رسمية معترف بها، ذلك أنه كان لهم أن يتبادلوا إيراد عقار أو مدينة تخصص الإنفاق عليهم.
صفحه نامشخص