ولقد كتب أوبا جويتا «موجليبوتا» الكتاب الأخير عن البيتاكاس الثلاثة الكاثافاثو، وكان المجلس البوذي الكبير يعقد في پاتا ليبوترا، وكان الإمبراطور آزوكا نفسه هو الذي دون ترجمة حياته على الصخور الجرانيتية والصوانية البيضاء والأحجار الرملية في الإمبراطورية والمناطق البعيدة، وقد كتبت باللغات غير التصويرية الثلاث القديمة جدا البراكربتية وأخصها المجادهية ولم تكن بالسانسكريتية. وبعد وفاة آزوكا بقرون لبثت المراسيم الرسمية والوثائق تصدر بلهجة الهند الوسطى وإن كانت السانسكريتية لبثت لغة الثقافة.
هذا ويبدو أن الكتابة في الهند ترجع إلى أصل قديم، وإن كان غير محقق العهد والتاريخ مع أنه لم يذكر شيء عن الكتابة أبعد من القرن الرابع ق.م. ولا بد أنها كانت معروفة في عهد آزوكا في الأعمال الرسمية على الأقل كالمحاكم ودفاتر الموظفين وسجلات المصالح. كذلك لا بد أن قد مضى وقت طويل منذ وضعت الألف باء الدرهمية التامة المؤلفة من 46 حرفا المأخوذة عن 22 رمزا ساميا «راجع ص16 و17 في كتاب الأدب السانسكريتي تأليف ماكدونيل» وكانت الكتابة القديمة على صورتين: الخاروشية والبرهمية. ويبدو أن الرموز السامية التي أخذت عنها هاتان الصورتان كما اشتقت منها الألف باء الأوربية قد أدخلها تجار ما بين بابل ومواني غربي الهند إلى الهند منذ 800-700ق.م. وأن الخاروشية كانت تكتب من اليمين إلى اليسار، ولم توجد الكتابة الخاروشية في الهند بعد القرن الخامس ب.م. وكانت البرهمية تكتب من اليمين إلى اليسار ثم من اليسار إلى اليمين، وكان يكتب على ورقة النخيل وعلى قشر شجر البتولا، وبالحبر وقلم الغاب أو قلم معدني.
الفن القديم
أما الفن الموري فيدل على مهارة مستقلة عن الفن الصيني والفارسي خاصة في الحلي وفي الحجر الصخري الكريستالي الموجود في بيبراهو ستوپا بالعاج المكتوب عليه منذ 200 أو 150ق.م. هذا وما خلفه آزوكا قليل جدا في باب الآثار كالقلاع ذات الأعمدة.
وقد بدأ في عهد آزوكا استعمال الحجر في البناء، كما بدأ الحفر والزخرفة، ومن المحتمل أن يكون الفن الهندي قد تأثر منذ يومئذ بالفن الفارسي.
سقوط الإمبراطورية المورية
وفي الأدب البرهمي والبوذي ما يدل على أن الملوك الذين تعاقبوا على حكم الهند بعد آزوكا، كانت عهودهم مليئة بالانقسامات منذ الجيل الثالث بعده، فانقسمت مملكتين؛ مملكة شرقية وأخرى غربية. ولم تقو الهند على غزوات الفاتحين.
فاهين وشاندراجويتا الثاني
زار الراهب البوذي فاهين الهند بين 399 و414م، قادما من وطنه الصين عن طريق آسيا عابرا الهندوس على قنطرة معلقة إلى أن وصل إلى هوجلي، وكان يرمي من وراء رحلته هذه إلى الحصول في «باتاليبوترا» على القواعد النظامية للرهبان، وهو الجزء الثاني من تيبتيكا، وقد اتفق أن جاءت زيارته في الوقت الذي كسدت فيه سوق البوذية في الهند. (راجع ليجي في بيان فاهين عن الممالك البوذية).
وقد وصف هذا الراهب المؤرخ «المملكة الوسطى» ويعني بها وادي الجنج وسكانه الذين قال عنهم: إنهم سعداء وكثيرو العدة، لا يدونون ما عندهم ولا يذهبون إلى القضاة. وليس مفروضا على أحد تأدية جزء من أرباحهم سوى الذين يزرعون الأرض الملكية، ولهم أن يذهبوا حيث يشاءون، وأن يلبسوا ما يشاءون، وليس بملكهم حاجة إلى فرض عقاب الموت أو غيره، بل إنه يقتنع بالغرامة، ويتناول وحاشيته المرتبات. وليس عندهم قتلة أو شاربو الخمر، وكذلك ليس عندهم خنازير ولا دجاج، ولا يبيعون الماشية، ولا يوجد حوانيت للقصابين «الشاند راس» في الأسواق، وإن كان هؤلاء هم أفجر الناس ويعيشون بمعزل عنهم. وقال عن مملكة ماجاده «إن رؤساء الأسر فيها لهم دور لتوزيع المبرات والدواء على الفقراء والمدقعين والعجزة والأرامل واليتامى، هناك يجدون الأطباء والعناية والطعام، وليس هناك من خطر إلا من الوحوش الكاسرة كالسباع والنمور والذئاب.
صفحه نامشخص