ومثل هذا الاضطراب الواسع المدى في القشرة الخارجية للأرض يؤثر على الأجزاء المجاورة في كثير أو قليل من العنف، ويحتمل أن يكون هبوط الأرض مسئولا عن بروز الهضبة الحبشية.
والمساحة التي تأثرت أكثر من غيرها مباشرة بهذا التشقق تبلغ حوالي 700 ميل من الشمال للجنوب و500 ميل من الشرق للغرب داخل الحدود الحبشية، وهي مساحة تزيد على أربعة أمثال مساحة إنجلترا. وفي الشرق والجنوب الشرقي توجد وديان شاسعة واسعة مفتوحة تتدرج في الارتفاع، محرومة من الماء، مغطاة بالحشائش الغليظة التي يبلغ ارتفاعها حوالي خمسة أقدام، وهي تنخفض بالتدريج إلى الشرق والجنوب الشرقي إلى المحيط الهندي من رأس جاردفوي إلى قمايا على مصب نهر بوبا في الصومال الإيطالي، وهذه الأراضي يخترقها ثلاثة أنهر - نذكرها من الجنوب إلى الشمال - وهي: التوبا، والويبي شبيلي، وتج فافان. ومقطع ويبي معناه المجرى الذي يستمر الماء فيه طول العام، أما «تج» فمعناه المجرى الذي ينحط إلى نهير أثناء فترة الجفاف. ومن هذه الأنهر الثلاثة يرتفع الأولان في جوار بحيرة «شالا» على مستوى تسعة آلاف قدم، بينما ينبع الأخير من جبل مقدس «كوندبودو» وعلوه عشرة آلاف قدم على ثلاثين ميلا شمالي شرق هرز.
تربة هذه السهول التي تعرف محليا باسم مود صلصالية، لونها شديد الحمرة، تختلف كثافتها من مائة قدم بقرب هارجية في الصومال البريطاني إلى قدم واحد أو قدمين على طول ساحل الصومال الإيطالي أو بنادير. هذه حقيقة يجب أن تظل في الذهن؛ وذلك أن الإيطاليين إن كانوا يرمون إلى الحصول على أراض غنية ليقطنوها فإن وديان الحبشة قد تجذبهم؛ لأن هذه الأراضي صالحة لزراعة القطن.
بين خط 10 شمالا وخط طول 40 شرقا وساحل البحر الأحمر، يوجد منخفض صغير يعرف باسم دناكل أو دناجل الشمالية والجنوبية، وعند النهاية الشمالية لهذا الإقليم يقع وادي الملح الكبير أو منخفض دناكل الشمالي الذي ارتاده ورسم خريطته في سنة 1928 المستر نسبت مع اثنين من الرفاق الإيطاليين، وامتحان مسطحات هذا المنخفض قد أظهر مساحة طولها 100 ميل من الشمال للجنوب وخمسين ميلا من الشرق للغرب أقصى عمقها في النهاية الشمالية 400 قدم تحت سطح البحر الأحمر، وهذه هي المساحة الواقعة عند كولولي حيث توجد مناجم البوتاس الإيطالية .
أما مسألة الطقس فإنها جديرة بالنظر فيها باختصار، فمرتفعات الحبشة تقوم إلى علو 12 قدما أو أكثر؛ وتبعا لهذا فإن الإثيوبي الحقيقي الذي يكره الحر يرفض أن يعيش في مكان آخر غيرها أي على علو يزيد على ثلاثة آلاف قدم، وطقس الهضبة والمرتفعات يقارن بطقس إنجلترا في سبتمبر إلا في الفترة بين أبريل وسبتمبر حين يكون موسم الأمطار على أشده وتهب رياح جنوبية غربية شديدة. وفي زمن الصيف تكون البقاع الحبشية التي على علو 3000 قدم في بعض الأحيان حارة ورطبة حتى تأتي زوبعة عنيفة تخفف عن الناس الحر، أما الأراضي الواطئة فإنها على العكس من ذلك حارة لا ترتاح إليها النفس، وبالرغم من أن الهواء قد يترطب وقتا ما بعد المطر فإن هذا يكون على حين أن نتيجة مطر المناطق الحارة تجعل التربة السطحية موحلة والسير فيها متعبا، على أنه مهما يكن من رداءة الطقس في الأراضي الواطئة في الشرق والجنوب الشرقي فإن الطقس في منخفض دناكل أردأ بكثير فإن الرحالة قد سجلت هناك درجات حرارة فوق 155 فرنهيت يوما بعد يوم، ولا يسع الإنسان إلا أن يبدي إعجابه بالإقدام والمثابرة اللذين تحلى بهما هؤلاء الرجال الذين شقوا طريقهم إلى الشمال بقدر يسير من الماء، في هواء مملوء بالغبار ودخان الكبريت، يحيط بهم من كل الجهات بسكان رحل أهم ما يحترفونه الحرب والقتل. (3) اللغات الحبشية
أشهر اللغات الحبشية ثلاث: (1)
اللغة الإثيوبية القديمة: وهي لا تستعمل الآن إلا في الكتابة الأدبية. (2)
اللغة التجرانية: وهي لغة الأريتريا وشمال الحبشة، وهي المستعملة الآن. (3)
اللغة الأمهرية: وهي اللغة الرسمية؛ نسبة إلى أمهرا.
وحروف الهجاء الحبشية مأخوذة من لهجات العرب القديمة؛ مثل: الصابئية، والحميرية. (4) العادات في الحبشة
صفحه نامشخص