وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار، ومذهب جمهورهم في القرى، وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبد العزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هدى: فروى الإمام أحمد عنه أنه كتب إلى نائبه عن اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين، فهدمها بصنعاء وغيرها. وروى الإمام أحمد عن الحسن البصري أنه قال: "من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار، القديمة والحديثة". وكذلك هارون الرشيد في خلافته أمر بهدم ما كان في سواد بغداد (١)، وكذلك المتوكل لما ألزم أهل الكتاب "بشروط عمر" استفتى علماء وقته في هدم الكنائس والبيع، فأجابوه، فبعث بأجوبتهم إلى الإمام أحمد، فأجابه بهدم كنائس سواد العراق (٢)، وذكر الآثار عن الصحابة والتابعين: فمما ذكره ما روي عن ابن عباس ﵄ أنه قال: "أيما مصر مصرته العرب -يعني المسلمين- فليس للعجم أن يبنوا فيه كنيسة، ولا يضربوا فيه ناقوسًا، ولا يشربوا فيه خمرًا. وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فإن للعجم ما في عهدهم، وعلى العرب أن يوفوا بعهدهم، ولا يكلفوهم فوق طاقتهم".
_________
(١) وذلك أن الرشيد كان قد استفتى أبا يوسف في أمر الكنائس والبيع، ففصل له في فتواه جميع أحكامها، فهدم منها ما كان في السواد، وقارن بخراج أبي يوسف ١٣٨ سلفية.
(٢) انظر تاريخ الطبري ٣/١٤١٩ هـ حوادث سنة ٢٣٩ هـ.
1 / 146