المشورة على ولي الأمر في إعزازهم:
ولا يشير على ولي المسلمين بما فيه إظهار شعائرهم في بلاد الإسلام، أو تقوية أمرهم بوجه من الوجوه، إلا رجل منافقٌ، يظهر الإسلام (١)، وهو منهم في الباطن، أو رجلٌ له غرضٌ فاسدٌ، مثل أن يكونوا برطلوه (٢)، ودخلوا عليه برغبةٍ، أو رهبةٍ، أو رجلٌ جاهلٌ في غاية الجهل، لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه، وأعداء الدين. وإلا فمن كان عارفًا ناصحًا له أشار عليه بما يوجب نصره، وثباته، وتأييده، واجتماع قلوب المسلمين عليه، وفتحهم له، ودعاء الناس له في مشارق الأرض ومغاربها. وهذا كله إنما يكون بإعزاز دين الله، وإظهار كلمة الله، وإذلال أعداء الله تعالى.
وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين، وصلاح الدين، ثم العادل، كيف مكنهم الله، وأيدهم، وفتح لهم البلاد، وأذل لهم الأعداء، لما قاموا من ذلك بما قاموا به؟!
وليعتبر بسيرة من والى النصارى؛ كيف أذله الله، وكبته؟! (٣) .
_________
(١) زاد الأصل على ما في النسخ بهذه العبارة: يظهر الإسلام أو تقوية أمرهم وهو منهم. ويظهر أنها مكررة لما قبلها.
(٢) أي رشوه، وانظر مادة برطل من القاموس وشرحه، وهذه الكلمة لا تزال تستعمل في بعض الجهات على هذا المعنى ونحوه.
(٣) إي والله، وأنتم يا ولاة المسلمين أولى من يعتبر بهذا، فإن من اتقى الله كفاه، ومن اتقى الله بسخط الناس ﵁، وأرضى عنه الناس. ومن اتقى الناس بسخط الله أسخط الله وأسخط عليه الناس!
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ من المائدة. وقال فيها: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ .
1 / 127