وقال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [سورة الحج - ٤١] .
فكان ولاة الأمور الذين يهدمون كنائسهم ويقيمون أمر الله فيهم كعمر بن عبد العزيز (١) وهارون الرشيد (٢) ونحوهما مؤيدين منصورين، وكان الذين هم بخلاف ذلك مغلوبين مقهورين.
وإنما كثرت الفتن بين المسلمين، وتفرقوا على ملوكهم من حين دخل النصارى مع ولاة الأمر بالديار المصرية، في دولة المعز (٣)، ووزارة الفائز، وتفرق البحرية، وغير ذلك. والله يقول في كتابه: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات
_________
(١) ممن لا يعرف بهم لشهرتهم، لكنه عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، اعتبر خامس الخلفاء الراشدين، ولد سنة ٥٦٣ هـ وهو من أزهد الخلفاء وأدينهم في وقت ترف فيه الملوك، أخرج له الجماعة مات ﵁ سنة ١٠١ وعمره تسع وثلاثون سنة.
أكثر الناس من التأليف في فضله ومناقبه، ومن ذلك سيرة عبد الملك بن عمر وأبيه لابن رجب وسيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم (ت٢١٤)، وتهذيب الكمال ص ١٠١٧، طبقات ابن سعد ٥/٣٣٠ وسيأتي بيان شيء من فعله ﵁ بهدم كنائس النصارى.
(٢) هو أبو جعفر هارون بن المهدي العباسي الهاشمي. ولد سنة ١٤٨ هـ ومات غازيًا وعمره ٤٥ سنة أثنى عليه الشيخ ابن تيمية في المنهاج ٨/٢٤٠، وكذلك الرشيد كان فيه من تعظيم العلم والجهاد والدين ما كانت به دولته من خيار دول بني العباس، وكأنها كانت تمام سعادتهم، فلم ينتظم بعدها الأمر لهم.
وقال في موضع آخر في الفتاوى ٤/٢٠ مثل دولة المهدي والرشيد ونحوهما ممن كان يعظم الإسلام والإيمان، ويغزو أعداءه من الكفار والمنافقين، كان أهل السنة في تلك الأيام أقوى وأكثر، وأهل البدع أذل وأقل. ﵀ ورفع درجته.
إذا علم هذا فلا يلتفت إلى ما أقذاه به بعضهم من أنه صاحب سكر ولهو. . .
انظر تاريخ بغداد ١٤/٥، النبلاء ٩/٢٨٦، ومما ذكره عنه أنه يحج عام ويغزو عام، والمعارف لابن قتيبة ٣٨١ وما بعدها، تاريخ خليفة ٤٤٧ وما بعدها، المعرفة والتاريخ ١/١٦١.
(٣) هو معد بن المنصور إسماعيل ويلقب بالمعز لدين الله منذ ولاة العبيدين وأئمتهم. ولد سنة ٣١٠ هـ وهلك سنة ٣٦٥ هـ. وفي عهده توسعت الدولة وأخافوا الناس في شمال أفريقية، وأذلوهم، أذلهم الله، وكانت مدة ولايته ثلاث سنين.
1 / 121