... وقد تعلق بظاهره من توهم أن البسملة من أول براءة قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه : وإن هذا هو المذهب ، وأنا أقول ، وبالله أحول : إن هذا قول باطل ، مخالف للكتاب والسنة ولإجماع الأمة ، وتفصيله يطول ، ومجمله أن الأئمة الأربعة منهم من نفى كونها من القرآن كالإمام مالك رضي الله تعالى عنه وأتباعه ، ومنهم من أثبتها ، وهو الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه ، وأشياعه ، وعلماؤنا المحققون على أنها آية نزلت للفصل ، ولا شك أن بسملة أول براءة ، ووسط النحل خارجة عن البحث اتفاقا ، وأما إمامنا الأعظم رضي الله تعالى عنه فليس له نص في المسألة ، هذا وقد صرح قاضي خان أن البسملة عندنا ليست من الفاتحة ، فإذا كان المذهب أنها ليست منها ، مع كونها فاتحة الكتاب ، ومثبتة في جميع المصاحف العثمانية ، وغيرها ، وقد ثبت قراءة البسملة فيها بطرق صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة ، وخارجها ، وتقرر في / المذهب أن قراءتها سنة بالاتفاق ، بل واجبة 2ب عند بعضهم ، في أول ركعات الصلاة ، على اختلاف في تعيينها ، وأن المعتمد عدم قراءتها بين الفاتحة والسورة ، فهل يتصور كونها من أول براءة ، وترك قراءتها خطأ ؟ هذا لا يقبله العقل السليم ، والذوق الفهيم ، بل في المنقول ما يدل على بطلان هذا القول السقيم ، وبيانه أن القراء أجمعوا على أنها تقرأ في أول كل سورة ابتدئ بها إلا براءة ، وخيروا القارئ في إجزاء السورتين الإتيان بها وتركها إلا في أثناء براءة فإنهم اختلفوا فيها ، والمعتمد عدم الجواز ، نعم شرذمة قليلة منهم طائفة شاذة جوزوا قراءتها في أول براءة ، لكن لا لكونها منها ، بل للتبرك ، أو لغيره من العلل الآتية ، قال السخاوي (¬1) :
صفحه ۲