وإنما روى أبو جعفر رحمه الله ما سمع، ونقل ما حفظ، ولم يضمن العهدة في ذلك.
وأصحاب الحديث ينقلون الغث والسمين، ولا يقتصرون في النقل على المعلوم (1)، وليسوا بأصحاب نظر وتفتيش، ولا فكر فيما يروونه وتمييز، فأخبارهم مختلطة (2) لا يتميز منها الصحيح من السقيم إلا بنظر في الأصول، واعتماد على النظر الذي يوصل إلى العلم بصحة المنقول.
فأما كتب أبي علي بن الجنيد، فقد حشاها بأحكام عمل فيها على الظن، واستعمل فيها مذهب المخالفين في القياس (3) الرذل (4)، فخلط بين المنقول عن الأئمة عليهم السلام وبين ما قال برأيه، ولم يفرد أحد الصنفين من الآخر.
ولو أفرد المنقول من الرأي لم يكن فيه حجة، لأنه لم يعتمد في النقل المتواتر من الأخبار، وإنما عول على الآحاد.
وإن كان (5) في جملة (6) ما نقل غيره من أصحاب الحديث ما هو معلوم، وإن لم يتميز لهم (7) ذلك لعدولهم عن طريق النظر فيه، وتعويلهم على النقل خاصة، والسماع من الرجال، والتقليد دون النظر والاعتبار.
صفحه ۷۳