ولكن ذاكم صار في آل زهرة .... به يختم الله النبوة ناسكا [4] أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوسقي قال: حدثني أبو محمد الأنصاري قال: حدثني عمارة بن زيد قال: حدثني إبراهيم بن سعد الزهري، عن محمد بن إسحاق ويزيد بن رومان وصالح بن كيسان ويحيى بن عروة، وغيرهم: أن أبرهة لما صار على مسيرة يوم من مكة دعا برجل يقال له: الأسود بن مقصود، وأمره أن لا يترك لأهل مكة ثاغية ولا راغية إلا استاقها.
فأقبل الأسود واستاق في ذلك مائتي بعير لعبد المطلب، فبلغ عبد المطلب فخرج مع ابنه عبد الله ودخل عسكر أبرهة فلقي رجلا يقال له ذو نفر، فاستعان به.
فقال له :ما أقدر على شيء غير أن سائس الفيل الأعظم صديق لي، فأنا أسأله تسهيل الإذن لك.
فقال: افعل.
فذهب إلى أنيس الحاجب، فقال له: إن هذا القادم من مكة سيد أهلها، ومطعم الناس بالسهل والوحش في قلال الجبال.
فدخل أنيس على أبرهة، فأذن لعبد المطلب في الدخول، فأقبل مع ابنه والفيل الأعظم واقف على الباب، فلما جاز عبد الله نظر الفيل إلى وجهه فخر ساجدا، فعجب من ذلك أنيس ومن على الباب.
فقال قس: لا تعجبوا من سجوده فإنه لم يسجد له، ولكن «سجد» للنور الذي في وجهه، وهو نور نبي عرفناه في الإنجيل.
ودخل عبد المطلب وابنه، فلما رآه أبرهه، نزل عن سريره، وجلس على بساط وأجلسهما معه.
وكان عبد المطلب وسيما جسيما، يهابه من رآه فكره أن تراه الحبشة على سرير ملكه.
ثم كلم أبرهة فيما استاقوا له، فتبسم أبرهة وقال للترجمان:أخبره أنه لما دخل ملأ قلبي من هيبته، وظننته ذا عقل، إني إنما سرت لتخريب هذا البيت الذي هو شرفه ويكلمني في أباعره!
فقال: إن هذا البيت بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام وقد كاده غيره في الزمن الأول فكفى الله كيدهم، وله رب، وأما الإبل فأنا ربها.
فردها عليه، فرجع بها.
صفحه ۱۰۰