[ثالثا: اضطراب الأصنام ونداء الذئب]
قال: وكان عبد المطلب ليلة إذ في جوف الكعبة يرم منها شيئا، إذ سمع تكبيرا عاليا: الله أكبر الله أكبر رب محمد المصطفى وإبراهيم المجتبى، ألا إن ابن آمنة الغراء قد ولد وقد انكشفت عنا سحائب الغمة إلى الرحمة، ثم اضطربت الأصنام وخرت على وجوهها.
فقال عبد المطلب: فدهشت، ثم خرجت من الكعبة في ليلة مقمرة فإذا أنا بذئب قد وقف بأعلى مكة وهو ينادي بصوت له رفيع عربي فصيح:
يا آل غالب ألا فاسمعوا قد جاءكم النور الثاقب الذي به تستبهج الدنيا، فاتبعوه قبل أن تدنوا وتخذلوا، ثم مضى الذئب، وإذا بصوت رفيع من الجبل جبل أبي قبيس: يا آل غالب ألا فاسمعوا لهذا المولود فإنه خيرة المعبود، فطوبى لمن آزره وتبعه ونصره.
فأسرع عبد المطلب نحو منزل آمنة فإذا هو بطيور ساقطة على حيطان الدار وسحابة بيضاء قد أظلت الدار بأجمعها، فلما دنا من الباب لم يطق الدخول من لمعان النور، فقرع الباب قرعا خفيفا.
فقالت آمنة بخفي من صوتها: من هذا؟
قال: أنا عبد المطلب، افتحي واعجلي قبل أن تتفقأ مرارتي وتتصدع كبدي.
فوثبت آمنة وفتحت ودخل عبد المطلب فنظر إلى وجهها ففقد النور الذي بين عينيها فضرب بيده إلى ثوبه ليشقه، وقال:ويحك يا آمنة أنائم أنا أم يقضان؟
صفحه ۱۰۷