فإنه لما كان كتاب الله العزيز كذلك، وكانت حكمته عز وجل اقتضت إنزاله على الأساليب العربية والمعاني اللغوية، وفيها العام والخاص والمجمل والمبين، والظاهر والمؤول، وما يحتمل وجها، وما يحتمل وجهين فأكثر، وما تتشابه فيه المعاني وتتعدد فيه الوجوه، ولذلك من لم يتبع سبيل أعلام الهدى ، وأرباب التقى أهل بيت محمد المصطفى ، صلوات الله عليه وعليهم وسلم فسر الكتاب على آرائه، والحق على أهوائه، فعمي وعمى على غيره، وضل وضل غيره بسببه، وترى المنتصر يصرف الأدلة بمجرد العبارات، ويتطلب للتأويلات حتى يقوم الأدلة إلى مساق هوى النفس، فيقربها إليه، ويعتمد في دينه ودنياه عليه، لا يلوح لأعين البصائر فيه إلا كلمعان البروق، وترقرق فيه لأهل الأهواء والأغاليط أقاويل تروق.
ولقد صدق أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين حيث يقول:"سيأتي بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته" [يريد عليه السلام إذا اتبع حق اتباعه كذا عن زيد بن علي عليه السلام ]"ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه" اه.
صفحه ۳