مصابیح ساطعه انوار

عبدالله شرافی d. 1062 AH
233

مصابیح ساطعه انوار

المصابيح الساطعة الأنوار

ژانرها

علوم قرآن

قال ابوعبدالله محمد بن القاسم صلوات الله عليه: تفسير ((والفجر (1) وليال عشر (2) والشفع والوتر (3))) فما ذكر الله سبحانه من هذه الأشياء وكرر منها في إقسامه بها فأبان من عظيم آيات الله لما فيها من عجائب حكمة الله لا يخفى ذلك فيها ولا يغبى على من وهبه الله عقلا ولبا، ولما فيها من عجائب الحكمة ودلائل قدرة الله العظيمة جعلها الله قسما من إقسامه لنبيه بإقسامه بها على ما جعل فيها من حكمة، وأي عجيب أعجب من صدوع بياض الفجر معترضا حتى يستطير في أفق السماء كلها عرضا بعد سواد الليل وظلمته، وكلال الأبصار بلونه وغشوته، ومن هدأ في الليل من الخلق عن حركته، وسرى بذهاب أوله ثم ذهاب وسطه وآخره، وانكفاته كله يسيح في الفلك، ويسلك فيما قدره الله له فيه من المسلك فقد يرى ذلك كله من شأن الليل وأمره من نظر إليه عند تولي آخره، ورأى الليل مقبلا من المشرق عند آخر النهار وإدباره فرأى أوائل ظلمة الليل مقبلة من أقاصي الفلك، ثم رأى انبساطه فيما جعله الله من المخرج والمسلك حتى يعلو ويظهر ويتسع وينتشر فيطبق الأرض كلها ظلامه، ويشتد سواده وإطباقه والتئامه ثم يسري الليل كما قال الله تبارك وتعالى: ((والليل إذا يسر (4))) وكل من عقل عن الله لا يشك في سراه ولا يمتري، لأن الليل له أول ووسط وآخر، ولا يجيء آخره حتى يذهب أوله ووسطه ويدبر، وهذا الدليل على مسير الليل وذهابه يبصره عيانا كل ذي عين، ويراه في إقباله وسراه ومسيره وذهاب أوله وصدره وانكفات أعجازه وأواخره عند ظهور الفجر واعتراض نوره عجب عجيب من آيات الله وتدبيره لمن فهم عن الله ما جاء في تبيينه لذلك وتبصيره، يقول الله تبارك وتعالى في بعض الأقسام بما أقسم به من آياته العظام: ((والليل إذ أدبر (33) والصبح إذا أسفر)) [المدثر:33،34] تنبيها من الله تبارك وتعالى لمن عقل وفكر على ما أظهر من حكمته لمن فهم وأبصر بما قدر من أحوال الليل والنهار، وما أرى سبحانه من تدبيره لهما من الآيات العظام، والفجر فإنه من عظيم آيات الله وعجب عجيب من آثار قدرة الله في تنفسه وصدوع نوره، وما قدر الله بظهوره من عجيب حكمته وأموره، وتحرك هذا الإنسان وجميع ما يسكن بظلمة الليل من الحيوان عند طلوع الفجر فيما يتحركون له من المعاش والشأن، وما قدر الله سبحانه من الحكمة لذلك وفيه فتكل وتصغر عقول الناس عن معرفة كنهه والإطلاع عليه ولما في الفجر من آيات تدبير الله وحكمة ما جعل الله تعالى من قسمه.

والليالي العشر التي ذكر الله تبارك وتعالى: فهي الليالي التي آخر أيامها يوم الأضحى، فأقسم الله بها وذكرها لكي ما يعرف الناس فضلها وقدرها وما ذكر الله سبحانه من الشفع والوتر فمن الآيات عند ذوي الألباب والفكر، والوتر: فهو الواحد الفرد، والشفع: فالاثنان من العدد، وإنما أقسم الله من ذلك بما أقسم به لنبيه بما ذكر في كتابه على أن الشفع والوتر آية لذوي الألباب والفكر.

صفحه ۲۴۶