وفي رمضان من سنة (٨٠٠ هـ) دخل دمشق برفقة ابن عمه (١)، ثمّ حج منها، وأخذ بمكة من القاضي أبي الفضل النويري (٢)، واجتمع بالحافظ ابن حجر هناك سنة (٨٠١ هـ) (٣).
وبعد موت ابن التنسي رجع إلى بلده، فناب في الحكم والخطابة، وأقبل على الاشتغال بالتجارة، فوقف عليه منها مال كثير، ثمّ احترقت داره، ففر من غرمائه إلى جهة الصّعيد، فتبعوه، وأحضروه إلى القاهرة، فقام معه تقي الدين بن حجة، وأعانه كاتب السر ناصر الدين بن البارزي حتّى صلح حاله، وحضر مجلس المؤيد، وعين لقضاء المالكية بمصر.
واستمر مقيمًا إلى شوال من سنة (٨١٩ هـ) حيث سافر إلى الحجِّ، ودخل اليمن سنة (٨٢٠ هـ)، فكرمه السلطان الناصر، وقابله بما يقابل به مثله، واجتمع بالأئمة من فقهاء "زَبيد"، وقد درَّس بجامعها نحوَ سنة (٤)، ثمّ لم يرجع له بها أمر، فارتحل منها إلى الهند، ودخل "كجرات" في أيّام السلطان أحمد بن محمّد المظفر الكجراتي، فحصل له إقبال كبير، وأخذ
_________
(١) وكان قد دخل غوطة دمشق، ووصفها وصفًا بديعًا، نقله الغزولي في "مطالع البدور" (١/ ١١٠).
(٢) انظر: "الضوء اللامع" للسخاوي (٧/ ١٨٥).
(٣) انظر: "مطالع البدور" للغزولي (٢/ ١٤).
(٤) وللإمام الدماميني شعر في زبيد، منه: ما أورده البريهي في "تاريخه" المسمى: "طبقات صلحاء اليمن" (ص: ٣٤٣): [من الكامل]
قالت وقد فتحت جُفُونا نعسا ... ترمي الورى في الجَور بالأحكامِ
احذرْ هلاكَكَ في زبيدَ فإنَّني ... لذوي الغَرامِ فتحتُ بابَ سهامِ
مقدمة / 13