مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
شماره نسخه
العدد١٢٩-السنة ٣٧
سال انتشار
١٤٢٥هـ
ژانرها
-: ﴿لَا تُحَرِّكْ﴾ فِي الْبَين (أَي الْوسط) أَيْضا، إِلَّا أَنه يلْزم حينئذٍ فَوَات الْمُبَالغَة فِي التقريع.. وَأَنه إِذا لم تُجزِ العجلةُ فِي الْقُرْآن - وَهُوَ شفاءٌ وَرَحْمَة - فَكيف فِيمَا هُوَ فجورٌ وثبورٌ؟ ! .. وَيَزُول مَا أُشير إِلَيْهِ من الْفَوَائِد، فَهُوَ استطرادٌ يُؤَدِّي مؤدى الِاعْتِرَاض.
ثمَّ قَالَ الشَّيْخ: «هَذَا خُلَاصَة مَا رمز إِلَيْهِ جَار الله» (١) .. ثمَّ قَالَ فِي آخر عرضه لما ذكر من وجوهٍ: «.. واللائق بجزالة التَّنْزِيل ولطيف إشاراته مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ذُو الْيَد الطُولى جارُ الله..» (٢) .
وَلذَلِك، فَإِنَّهُ يرد عَلَيْهِ مَا يرد على كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ، وَالَّذِي ذكرتُه آنِفا، وَإِن كَانَ هَذَا أقرب إِلَى ملاءمة السباق واللحاق.
وَأما الْوَجْه الثَّانِي الَّذِي يهمنا من الألوسي، فحاصله أَن الْخطاب فِي ﴿لَا تُحرِّك﴾ لسَيِّد المخاطَبين ﷺ حَقِيقَة، أَو من بَاب (إياكِ أَعنِي، واسمعي يَا جَارة)، أولكل من يصلُح لَهُ الْخطاب.. وَأَن الضَّمِير فِي ﴿بِهِ﴾ إِنَّمَا هُوَ ليَوْم الْقِيَامَة، وَأَن الْجُمْلَة اعتراضٌ جِيءَ بِهِ لتأكيد تهويله وتفظيعه، مَعَ تقاضي السباق لَهُ.. وَالْمعْنَى على ذَلِك: لَا تسْأَل عَن تَوْقِيت ذَلِك الْيَوْم الْعَظِيم، مستعجلًا معرفَة ذَلِك، فَإِنَّهُ الْوَاجِب علينا حِكْمَة حشر الْجَمِيع فِيهِ، وإنزال قُرْآن يتَضَمَّن بَيَان أَحْوَاله، ليُستعَدَّ لَهُ، وإظهاره بالوقوع الَّذِي هُوَ الداهية الْعُظْمَى، وَأما مَا عدا ذَلِك من تعْيين وقته، فَلَا يجب علينا حِكْمَة، بل هُوَ منافٍ للحكمة، فَإِذا سَأَلت، فقد سَأَلت مَا ينافيها، فَلَا تجاب.
هَذَا مَعْطُوف على قَوْله: «وَيلْزم حِينَئِذٍ فواتُ الْمُبَالغَة..» (١) روح الْمعَانِي، ٢٩ / ١٤٢، ١٤٣ (٢) السَّابِق، ٢٩/١٤٤
1 / 111