مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
شماره نسخه
العدد١٢٩-السنة ٣٧
سال انتشار
١٤٢٥هـ
ژانرها
يَكْفِي التَّعَلُّق على أيِّ وَجه؛ لِأَن الْمَقْصُود تَأْكِيد أَمر الْقُرْآن والحث على الْإِيمَان؛ وَلِهَذَا لمَّا فرغ من ذَلِك قَالَ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ...﴾ (الْآيَة /٢٣)، فَرجع ثَانِيًا إِلَى الحَدِيث عَن الْقُرْآن.
وَثَالِثهَا الاستطراد: وَهُوَ من مَقَاصِد البلغاء، وَذَلِكَ كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ (الْأَعْرَاف/٢٦) .. فَهَذِهِ الْآيَة أَتَت على سَبِيل الاستطراد عقب ذكر بدوّ السوءات وخصف الْوَرق عَلَيْهَا، إِظْهَارًا للمنة فِيمَا خلق من اللبَاس، وَلما فِي العرى من المهانة والفضيحة، وإشعارًا بِأَن التستر بَاب عَظِيم من أَبْوَاب التَّقْوَى.
وَرَابِعهَا - وَيقرب من الاستطراد_ حُسن التَّخَلُّص: وَهُوَ أَن ينْتَقل مِمَّا ابتدئ الْكَلَام بِهِ إِلَى الْمَقْصُود على وَجه سهل، يختلسه اختلاسًا دَقِيق الْمَعْنى، بِحَيْثُ لَا يشْعر السَّامع بالانتقال إِلَّا وَقد وَقع عَلَيْهِ الثَّانِي؛ لشدَّة الالتئام بَينهمَا. وَفِي الْقُرْآن من التخلصات العجيبة مَا يحير الْعقل! وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي سُورَة الْأَعْرَاف.. فقد ذكر فِيهَا الْأَنْبِيَاء والقرون الْمَاضِيَة والأمم السالفة، ثمَّ ذكر مُوسَى ﵇، إِلَى أَن قصّ حِكَايَة السّبْعين رجلا ودعاءه لَهُم ولسائر أمته بقوله: ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً ...﴾ (الْآيَة ١٥٦) وَجَوَابه - تَعَالَى - عَنهُ.. ثمَّ تخلص بمناقب سيدنَا مُحَمَّد (، بعد تخلصه لأمته، بقوله: ﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ..﴾ إِلَى أَن قَالَ: ﴿.. الَّذين يتبعُون الرَّسُول النبيَّ الأميَّ ...﴾ (الْآيَتَانِ ١٥٦، ١٥٧) .. وَأخذ يذكر صِفَاته الْكَرِيمَة وفضائله (.
وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي سُورَة الْكَهْف.. فقد حكى قَول ذى القرنين فِي السدِّ بعد دكِّه - الَّذِي هُوَ من أَشْرَاط السَّاعَة -.. ثمَّ ذكر النفخ فِي الصُّور، وَذكر
1 / 91