مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
شماره نسخه
العدد١٢٩-السنة ٣٧
سال انتشار
١٤٢٥هـ
ژانرها
الخالدي وَغَيره من دارسي سيد قطب -.. حَيْثُ كَانَ أديبًا ذواقة بالطبع، يحسن التذوق، ويبالغ فِي التخيُّل.. حَتَّى إِنَّه كَانَ يرسم صورًا فنية متكاملة لما يقْرَأ من آيَات الْقُرْآن أَو يستمع مِنْهَا.. كَمَا ذكر ذَلِك بِنَفسِهِ فِي كِتَابه الماتع (التَّصْوِير الفني فِي الْقُرْآن) .. وَكَانَ يحس - بذائقته الأدبية الْعَالِيَة تِلْكَ - أَن لِلْقُرْآنِ طَريقَة خَاصَّة فِي عرض مُخْتَلف مَوْضُوعَاته، وَأَنه يكَاد يجسِّم صورًا حَيَّة متحركة من خلال أساليبه الباهرة.
وَقد بقيت هَذِه العلاقة الْخَاصَّة مَعَ الصُّور الفنية فِي الْقُرْآن الْكَرِيم فِي نَفسه، حَتَّى عبر عَنْهَا فِي مقالين بعنوان (التَّصْوِير الفني فِي الْقُرْآن الْكَرِيم) (١) .. ثمَّ لم يلبث أَن عمل تطويرهما فِي كِتَابه البديع (التَّصْوِير الفني فِي الْقُرْآن) وَالَّذِي صدرت طبعته الأول فِي الْقَاهِرَة - عَن دَار المعارف - عَام ١٩٤٥م.
وَقد اهتم فِي هَذَا الْكتاب - ضمن مَا اهتم بِهِ - بموضوع التناسق الفني فِي الْقُرْآن. وأوضح أَن من أهم ألوان التناسق هُوَ ذَلِك التسلسل الْمَعْنَوِيّ بَين الْأَغْرَاض فِي سِيَاق الْآيَات، وَكَذَلِكَ التناسب فِي الِانْتِقَال من غَرَض إِلَى غَرَض. وَإِن كَانَ يعيب، فِي أثْنَاء ذَلِك، على بَعضهم التمحُّل لإبراز هَذَا التناسق تمحُّلًا لَا ضَرُورَة لَهُ، حَتَّى إِنَّه ليصل - على حدّ تَعْبِيره - إِلَى حدٍّ من التَّكَلُّف، لَيْسَ الْقُرْآن فِي حَاجَة إِلَى شَيْء مِنْهُ (٢) .
كَمَا أَشَارَ فِيهِ إِلَى استفادته مِمَّن حاولوا تبين هَذَا الملمح المهم فِي إعجاز الْقُرْآن، لَا سِيمَا جَار الله الزَّمَخْشَرِيّ، الَّذِي قَالَ عَن محاولته تلمُّس ذَلِك فِي
(١) انْظُر: سيد قطب.. الأديب النَّاقِد ...، نشرهما فِي مجلة (المقتطف)، فِي شهر فبراير من عَام (١٩٣٩م) ص ٣٦٤ (٢) انْظُر: التَّصْوِير الفني فِي الْقُرْآن، سيد قطب، دَار الشروق، ط ٦ / ١٩٨٠ م، ص ٧٣
1 / 82