مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
شماره نسخه
العدد١٢٩-السنة ٣٧
سال انتشار
١٤٢٥هـ
ژانرها
حُسن الْأَدَب وَنور البصيرة من جِهَة ثَالِثَة.. لَا سِيمَا وَأَن من بَين المعترضين على التركيز على مثل هَذَا اللَّوْن من التناسب فِي الْآيَات والسور من تَنْعَقِد لذكرهم الخناصر ﴿لَا سِيمَا الإِمَام الْجَلِيل سُلْطَان الْعلمَاء وَشَيخ الْإِسْلَام الْعِزّ بن عبد السَّلَام ﵁.. وَلَكِن الْإِنْصَاف يَقْتَضِي أَن نَعْرِف الرِّجَال بِالْحَقِّ، وألاَّ نتهيب مقَام أحدٍ - خلا رسولَ الله، صلوَات الله عَلَيْهِ - فِي أَن نمحِّص أَقْوَاله، ونزنها بميزان التَّحْقِيق الْقَائِم على الْكتاب وَالسّنة.. فَذَلِك دأبُ الْعلم، وَتلك سُنتُه﴾
وَبعد..
فثمة مَا يجدر التنويه بِهِ من هَذَا الْبَيَان المستفيض من كَلَام الشَّيْخ الفراهي - رَحْمَة الله عَلَيْهِ -.. وَهُوَ ربطُه الغفلةَ عَن قَضِيَّة النظام والترابط فِي كتاب الله بِحَال الْمُسلمين الَّذِي صَارُوا إِلَيْهِ، من التشيُّع والتحزُّب وتعصب كل فريق لما يعْتَقد أَنه الْحق..
فالشيخ الفراهي يرى أَن الْمُسلمين لَو فَهموا (النظام) لفهموا روح الْقُرْآن. وَمن ثَمَّ؛ لحاولوا إِزَالَة مَا بَينهم من خلافات، ورأب مَا بَينهم من صدوع. وَذَلِكَ أَن جُلَّ اخْتِلَاف الآراء فِي التَّأْوِيل رَاجع - كَمَا يَقُول - إِلَى عدم الْتِزَام رِبَاط الْآيَات. فَإِنَّهُ لَو ظهر النظام، واستبان لنا عمودُ الْكَلَام، لجُمعنا تَحت راية وَاحِدَة، وكلمةٍ سَوَاء. فبالنظام وَإِدْرَاك الترابط الوثيق بَين كَلَام الله الْعَزِيز.. تُنفى عَن آيَات الله أهواءُ المبتدعين، وانتحالاتُ المبطلين، وزيعُ المنحرفين (١) .
وَلَعَلَّ الْأُسْتَاذ الشَّيْخ مُحَمَّد الْغَزالِيّ - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - (ت ١٩٩٦م) كَانَ من أبْصر النَّاس بِهَذَا الملمح - الَّذِي لَا ينتبه إِلَيْهِ إِلَّا من أُوتِيَ قدرا من
_________
(١) سَوف يَأْتِي بسط الْكَلَام فِي هَذَا الْجَانِب عِنْد الفراهي عِنْد الحَدِيث الْخَاص عَنهُ بِإِذن الله.
1 / 43