ومتى قيل: [لم] أراد الله تعالى أن يجعلهما أخوين، فلم فرق بينهما بأب؟ وهلا جمع فيكون النسل واحدا، والأخوة بالنسب؟
ذكرنا فيها وجها حسنا، وهو أنه لو جمع بينهما في الولادة، لكان لا يصلح أن يتزوج بإبنته (صلى الله عليه وآله)، [إذ] لا يكون صالحا لفاطمة في التزويج، فإن كانت الإمامة في ولد النبي لم يكن لعلي فيه نصيب، وإن كان في ولد أمير المؤمنين، لم يكن للنبي فيه نصيب، ففرق بينهما بأب واحد، حتى صارا أبوين للأئمة إلى يوم القيامة، وصار الأصل واحد .....، وما أكرم به النبي أكرم هو به، وما جعل فيه إبراهيم أصلا، من أن النبوة والإمامة في عقبه، كذلك صار الإمامة فيهما إلى يوم القيامة، فإن الأنوار كلها من نوره؛ فلذلك له بهذا شرف لا يشاركه فيه أحد، وكما أن أصله أمسك ببطنان العرش، كذلك أصل أمير المؤمنين، وكما نقل إلى الجباه حتى يتلألأ عند كل أب، فكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام).
[ومن] هذا الباب قوله لأمير المؤمنين- صلوات الله عليهما- في حديث خيبر:
«حسبك أنك مني وأنا منك»، وهما فضيلتان من الرسول (صلى الله عليه وآله)، بأن يكون من الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأن يكون الرسول منه، «لحمك من لحمي، وجلدك من جلدي، وعظمك من عظمي، ودمك من دمي، والإيمان مخالط للحمك وجلدك وعظمك ودمك، كما خالط جلدي ولحمي وعظمي ودمي».
[فظهر] أن على كل واحد من هذا تكليف من شرط إيمانه، وهو معني بذلك.
فهذه سبع صفات، كلها فضائل تفرد بها أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وليس للمشايخ فيها نصيب، وقد قال هذه الكلمة (عليه السلام) في مواضع:
منها: يوم احد، حين قال جبرئيل (عليه السلام): «من هذا يا رسول الله ؟
قال: علي.
فقال: هذه هي المواساة.
صفحه ۵۵