270

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

پژوهشگر

محمد أمين الصناوي

ناشر

دار الكتب العلمية - بيروت

شماره نسخه

الأولى - 1417 هـ

ژانرها

تفسیر

وقال رجل آخر: أنا ألحق بفلان النصراني من أهل الشام وآخذ منه أمانا فأنزل الله هذه الآية. وقال عكرمة: نزلت في أبي لبابة بن المنذر بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة حين حاصرهم فاستشاروه في النزول وقالوا: ماذا يصنع بنا إذا نزلنا؟ فجعل إصبعه في حلقه، أي إنه يقتلكم بعضهم أولياء بعض أي بعض كل فريق من ذينك الفريقين أولياء بعض آخر من ذلك الفريق لا من الفريق الآخر ومن يتولهم منكم يا معشر المؤمنين فإنه منهم أي فهو من أهل دينهم فإنه لا يوالي أحد أحدا إلا وهو عنه راض فإذا رضي عنه رضي دينه فصار من أهل دينه. وهذا على سبيل المبالغة في الزجر عن إظهار صور الموالاة لهم وإن لم تكن موالاة في الحقيقة، أو لأن الموالين كانوا منافقين إن الله لا يهدي القوم الظالمين (51) بموالاة الكفار.

روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: قلت لعمر بن الخطاب: إن لي كاتبا نصرانيا، فقال مالك: قاتلك الله ألا اتخذت حنيفا أما سمعت قول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء قلت له دينه ولي كتابته. فقال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أبعدهم الله. قلت: لا يتم أمر البصرة إلا به، فقال: مات النصراني والسلام. والمعنى اجعله في ظنك أنه قد مات فما تعمل بعد موته؟ أي فاعمله الآن ميتا واستغن عنه بغيره فترى الذين في قلوبهم مرض بالنفاق ورخاوة العقل في الدين كعبد الله بن أبي وأصحابه يسارعون فيهم أي في موادة يهود بني قينقاع ونصارى نجران لأنهم كانوا أهل ثروة يقرضونهم ويعينونهم على مهماتهم يقولون معتذرين عنها إلى المؤمنين نخشى أي نخاف خوفا شديدا أن تصيبنا دائرة من دوائر الدهر كالهزيمة والحوادث المخوفة وتكون الدولة للكفار وتقال الدائرة في المكروه كالجدب والقحط. وتقال الدولة في المحبوب. وقال الزجاج: أي نخشى أن لا يتم الأمر لمحمد فيدور الأمر كما كان قبل ذلك فعسى الله أن يأتي بالفتح لرسول الله على أعدائه وللمسلمين على أعدائهم وبإظهار الدين أو أمر من عنده بقطع أصل اليهود وبإخراجهم عن بلادهم. و «عسى» بمنزلة الوعد وهو من الله تعالى واجب فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين (52) أي فيصير هؤلاء المنافقون نادمين على ما حدثوا به أنفسهم من أن الدولة أي الغلبة لأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا يشكون في أمر الرسول ويقولون: لا نظن أنه يتم له أمره ويقول الذين آمنوا.

قرأه عاصم وحمزة والكسائي بالرفع مع إثبات الواو كما في مصاحف أهل العراق على الاستئناف. وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر بالرفع مع حذف الواو كما في مصاحف أهل الحجاز والشام. على أن الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا في جواب سؤال نشأ من قوله تعالى: فعسى الله أن يأتي بالفتح كأن القائل يقول: فماذا يقول المؤمنون حينئذ؟ فقيل: يقول الذين آمنوا إلخ.

صفحه ۲۷۵