مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Muhammad Nawawi al-Jawi d. 1316 AH
138

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

پژوهشگر

محمد أمين الصناوي

ناشر

دار الكتب العلمية - بيروت

شماره نسخه

الأولى - 1417 هـ

ژانرها

تفسیر

ذلك بوجوه الحيل. نزلت هذه الآية في الذين دعوا عمارا وأصحابه إلى دينهم اليهودية يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب هم شاس بن قيس وعمرو بن شاس، وأوس بن قبطي وجبار بن صحر يردوكم أي يصيروكم بعد إيمانكم كافرين (100)

وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله أي كيف يوجد منكم الكفر والحال أن القرآن الذي فيه بيان الحق من الباطل يتلى عليكم على لسان نبيكم غض طري، ومعكم رسول الله الذي يبين الحق ويدفع الشبه.

روي أن شاس بن قيس اليهودي كان عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين شديد الحسد، فاتفق أنه مر على نفر من الأنصار الأوس والخزرج وهم في مجلس يتحدثون وقد زال ما

كان بينهم في الجاهلية من العداوة ببركة الإسلام، فشق ذلك على اليهود، فجلس إليهم وذكرهم ما كان بينهم من الحروب قبل ذلك في بعاث وهو موضع في المدينة، وكان يوم بعاث يوما اقتتل فيها الأوس والخزرج قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم بمائة وعشرين سنة وكان الظفر فيه للأوس. وقرأ عليهم بعض ما قيل في تلك الحروب من الأشعار، فتنازع القوم وتغاضبوا وقالوا: السلاح السلاح فاجتمع من القبيلتين خلق عظيم فوصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين والأنصار وقال: «أترجعون إلى أحوال الجاهلية وأنا بين أظهركم وقد أكرمكم الله بالإسلام وألف بين قلوبكم» . فعرف القوم أن ذلك كان من عمل الشيطان ومن كيد ذلك اليهودي فألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان يوم أقبح أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم. قال الإمام الواحدي: اصطفوا للقتال. فنزلت الآية إلى قوله تعالى

: لعلكم تهتدون فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام بين الصفين فقرأهن ورفع صوته فلما سمعوا صوت النبي صلى الله عليه وسلم أنصتوا له وجعلوا يستمعون له فلما فرغ ألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضا وجعلوا يبكون ومن يعتصم بالله أي من يستمسك بكتاب الله وهو القرآن فقد هدي أي فقد حصل له الهدى إلى صراط مستقيم (101) أي إلى طريق موصل إلى المطلوب.

قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في حق معاذ وأصحابه، ثم نزل في أوس وخزرج لخصومة كانت بينهم في الإسلام افتخر فيهم ثعلبة بن غنم وأسعد بن زرارة بالقتل والغارة في الجاهلية يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته أي كما يجب أن يتقى وهو استفراغ الوسع في القيام بالواجب والاجتناب عن المحارم كما في قوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم. ويقال: أطيعوا الله كما ينبغي. ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (102) لفظ النهي واقع على الموت. والمقصود الأمر بالإقامة على الإسلام أي ودوموا على الإسلام إلى الموت وذلك لأنه لما كان يمكنهم الثبات على الإسلام حتى إذا أتاهم الموت وهم على الإسلام صار الموت على الإسلام بمنزلة ما قد دخل في

صفحه ۱۴۳