مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
پژوهشگر
محمد أمين الصناوي
ناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
شماره نسخه
الأولى - 1417 هـ
ژانرها
تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله
[آل عمران: 101] ولما ذكر الله تعالى في الآية المتقدمة أنه إنما أخذ الميثاق على الأنبياء في تصديق الرسول الذي يأتي مصدقا لما معهم بين الله تعالى من صفة محمد صلى الله عليه وسلم كونه مصدقا لما معهم فقال: قل آمنا بالله وما أنزل علينا وهو القرآن وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط من الصحف. والمراد بالأسباط أحفاد يعقوب وأبناؤه الاثنا عشر وما أوتي موسى وعيسى من التوراة والإنجيل وسائر المعجزات الظاهرة بأيديهما والنبيون من ربهم من الكتب والمعجزات لا نفرق بين أحد منهم أي نقر بأنهم كانوا بأسرهم على دين واحد في الدعوة إلى الله وفي الانقياد لتكاليف الله ولا نكفر بأحد منهم كما فعل اليهود والنصارى ونحن له مسلمون (84) أي مستسلمون لأمر الله بالرضا وترك المخالفة لا لسمعة ورياء وطلب مال وتلك صفة المؤمنين بالله والكافرون يوصفون بالمحاربة لله، ولما قال تعالى: ونحن له مسلمون بين أن الدين ليس إلا الإسلام فقال: ومن يبتغ غير الإسلام أي غير التوحيد والانقياد لحكم الله دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين (85) بحرمان الثواب وحصول العقاب ولحوق التأسف على ما فاته في الدنيا من العمل الصالح، وعلى ما تحمله من التعب في الدنيا في تقرير الدين الباطل. ولفظ «دينا» إما مفعول و «غير الإسلام» حال منه مقدم عليه أو تمييز أو بدل من غير كيف يهدي الله قوما كفروا أي كيف يخلق الله فيهم المعرفة والهداية وهم قصدوا تحصيل الكفر بعد إيمانهم بالقلب وشهدوا أي والحال هم قد أقروا باللسان أن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم حق وجاءهم البينات أي الحجج الظاهرة على صدق النبي والله لا يهدي القوم الظالمين (86) أي الكافرين الأصليين والمرتدين.
وهذه الآية نزلت في شأن الذين ارتدوا ولحقوا بمكة، وهم اثنا عشر رجلا، منهم أبو عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت، ووضوح بن الأسلت، وطعيمة بن بيرق. كما أخرجه عكرمة وابن عساكر. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (87) فإن لعنة الله هي الإبعاد من الجنة وإنزال العقوبة، واللعنة من الملائكة والناس هي بالقول وكل ذلك مستحق لهم بسبب كفرهم، فصلح أن يكون جزاء لذلك وجميع الخلق يلعنون المبطل والكافر ولكنه يعتقد في ذلك أنه ليس بمبطل ولا بكافر فإذا لعن الكافر وهو في علم الله كافر فقد لعن نفسه وإن كان لا يعلم ذلك. خالدين فيها أي اللعنة فلا تزال تلعنهم الملائكة والمؤمنون ومن معهم في النار فلا يخلو شيء من أحوالهم من أن يلعنهم لا عن من هؤلاء لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون (88) أي لا يؤخر عذابهم من وقت إلى وقت إلا الذين تابوا من الكفر من بعد ذلك أي الارتداد وأصلحوا باطنهم وظاهرهم بالعمل الصالح فإن الله غفور لقبائحهم في الدنيا بالستر رحيم (89) في الآخرة بالعفو. نزلت هذه الآية في شأن الحرث بن سويد وهو رجل من الأنصار فإنه لما لحق مكة مرتدا ندم على ردته فأرسل إلى قومه بالمدينة أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم هل
صفحه ۱۳۹