وتتلاقى مبادئ المعاملة التي تنالها المرأة من الحضارة الغربية، منذ عهد الثقافة اليونانية إلى عهد الدساتير الديمقراطية. فليس هناك كبير تفاضل بين الإهمال المشاع في حريم أثينا وجمهورية أفلاطون، وبين مساواة المادية الاقتصادية، التي ليس دونها شيء؛ لأنها تنزل بالمساواة من القمة إلى الحضيض!
والعيب المشترك بين هذه المعاملات أنها ترجع إلى اعتبارات منفصلة عن تقدير المرأة على حسب حقيقتها الفطرية بمعزل عن مظالم المجتمع وإجراءات الحكم، ومناورات السياسة.
وستنقضي جميعا بانقضاء هذه الاعتبارات الموقوتة، فلا بقاء بعدها لمعاملة دائمة غير المعاملة المستقرة على أساس الفطرة ومصلحة النوع كله: وهي المعاملة بالحسنى والمعروف على سنة المساواة بين الحقوق والواجبات.
الفصل الثالث عشر
مشكلات البيت
الأسرة وحدة اجتماعية تحتاج كغيرها من الوحدات إلى نظامها الخاص الذي تعول عليه في جمع شملها، وإصلاح شأنها، وحل المشكلات والخلافات التي تعرض لأعضائها.
ولكنها أحوج من سائر الوحدات إلى الدقة والحكمة في نظامها الخاص بها؛ لأنه نظام يناسبها دون غيرها، ولا يتكرر على مثالها في وحدة من وحدات المجتمع، أو فئة من فئاته.
فالشركة التجارية - مثلا - وحدة اجتماعية، لها نظامها الخاص بها، وقد تكون لها أنظمتها المختلفة على حسب تأليفها، ولا بد لها ولنظائرها جميعا من روح المودة، وصدق المعونة، لحسن الانتظام وتحقيق المصلحة المتبادلة.
إلا أنها قد تعول في أهم أعمالها على أرقام الحساب، وشروط الاتفاق لتسيير تلك الأعمال وتيسيرها.
أما الأسرة فلا ينفعها أن تعول في علاقاتها على الشروط التي يفصل فيها وازع القضاء، أو وازع الشرطة، ولا مساك لها إن لم تتماسك بينها بنظام يغنيها عن تحكيم القانون، أو تحكيم الشرطة، في كل خلاف يطرأ على علاقاتها.
صفحه نامشخص