209

* توبة الحر

ولما سمع الحر بن يزيد الرياحي كلامه واستغاثته ، أقبل على عمر بن سعد وقال له : أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال : إي والله ، قتالا أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح الأيدي. قال : ما لكم فيما عرضه عليكم من الخصال؟ فقال : لو كان الأمر إلي لقبلت ، ولكن أميرك أبى ذلك. فتركه ووقف مع الناس ، وكان إلى جنبه قرة بن قيس فقال لقرة : هل سقيت فرسك اليوم؟ قال : لا ، قال : فهل تريد أن تسقيه؟ فظن قرة من ذلك أنه يريد الاعتزال ويكره أن يشاهده ، فتركه فأخذ الحر يدنو من الحسين قليلا ، فقال له المهاجر بن أوس : أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذته الرعدة ، فارتاب المهاجر من هذا الحال وقال له : لو قيل لي : من أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك ، فما هذا الذي أراه منك؟ فقال الحر : إني اخير نفسي بين الجنة والنار ، والله لا أختار على الجنة شيئا ولو احرقت. ثم ضرب جواده نحو الحسين (1) منكسا رمحه قالبا ترسه (2) وقد طأطأ برأسه ؛ حياء من آل الرسول بما أتى إليهم وجعجع بهم في هذا المكان على غير ماء ولا كلأ ، رافعا صوته :

اللهم إليك انيب فتب علي ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك. يا أبا عبدالله إني تائب ، فهل لي من توبة؟

فقال الحسين (ع): «نعم يتوب الله عليك» (3). فسره قوله وتيقن الحياة الأبدية والنعيم الدائم ، ووضح له قول الهاتف لما خرج من الكوفة ، فحدث الحسين (ع) بحديث قال فيه : لما خرجت من الكوفة نوديت : أبشر يا حر بالجنة. فقلت : ويل للحر

صفحه ۲۳۶