وأقبلت الشيعة يبايعونه حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفا (1)، وقيل بلغ خمسا وعشرين ألفا (2)، وفي حديث الشعبي بلغ من بايعه أربعين ألفا (3)، فكتب مسلم إلى الحسين مع عابس بن شبيب الشاكري ، يخبره باجتماع أهل الكوفة على طاعته وانتظارهم لقدومه وفيه يقول : الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا فعجل الإقبال حين يأتيك كتابي (4).
وكان ذلك قبل مقتل مسلم بسبع وعشرين ليلة (5)، وانظم إليه كتاب أهل الكوفة وفيه : عجل القدوم يابن رسول الله ، فان لك بالكوفة مئة ألف سيف فلا تتأخر (6).
فساء هذا جماعة ممن لهم هوى في بني امية منهم ؛ عمر بن سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن مسلم بن ربيعة الحضرمي ، وعمارة بن عقبة بن أبي معيط ، فكتبوا إلى يزيد يخبرونه بقدوم مسلم بن عقيل وإقبال أهل الكوفة عليه وأن النعمان بن بشير لا طاقة له على المقاومة (7).
فأرسل يزيد على سرجون (8) مولاه يستشيره وكان كاتبه وأنيسه فقال سرجون : عليك بعبيد الله بن زياد ، قال : إنه لا خير عنده ، فقال سرجون : لو كان معاوية حيا وأشار عليك به أكنت توليه؟ قال : نعم ، فقال : هذا عهد معاوية إليه بخاتمه ولم يمنعني أن أعلمك به إلا معرفتي ببغضك له ، فانفذه إليه. وعزل النعمان بن بشير ، وكتب إليه : أما بعد فإن الممدوح مسبوب يوما ، وإن المسبوب يوما ممدوح ، وقد سمي بك إلى غاية أنت فيها كما قال الأول.
صفحه ۱۴۸