مقصد اصلی

Al-Ghazali d. 505 AH
85

مقصد اصلی

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

پژوهشگر

بسام عبد الوهاب الجابي

ناشر

الجفان والجابي

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٧ - ١٩٨٧

محل انتشار

قبرص

التَّقْسِيم والتدريج أَن الْملك فَوق الْإِنْسَان وَالْإِنْسَان فَوق الْبَهِيمَة وَأَن الله ﷿ فَوق الْكل فَهُوَ الْعلي الْمُطلق فَإِنَّهُ الْحَيّ المحيي الْعَالم الْمُطلق الْخَالِق لعلوم الْعلمَاء المنزه الْمُقَدّس عَن جَمِيع أَنْوَاع النَّقْص فقد وَقع الْمَيِّت فِي الدرجَة السُّفْلى من دَرَجَات الْكَمَال وَلم يَقع فِي الطّرف الآخر إِلَّا الله تَعَالَى فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن تفهم فوقيته وعلوه فَإِن هَذِه الْأَسَامِي وضعت أَولا بِالْإِضَافَة إِلَى إِدْرَاك الْبَصَر وَهُوَ دَرَجَة الْعَوام ثمَّ لما تنبه الْخَواص لإدراك البصائر ووجدوا بَينهَا وَبَين الْأَبْصَار موازنات استعاروا مِنْهَا الْأَلْفَاظ الْمُطلقَة وفهمها الْخَواص وأدركوها وأنكرها الْعَوام الَّذين لم يُجَاوز إدراكهم عَن الْحَواس الَّتِي هِيَ رُتْبَة الْبَهَائِم فَلم يفهموا عَظمَة إِلَّا بالمساحة وَلَا علوا إِلَّا بِالْمَكَانِ وَلَا فوقية إِلَّا بِهِ فَإِذا فهمت هَذَا فقد فهمت معنى كَونه فَوق الْعَرْش لِأَن الْعَرْش أعظم الْأَجْسَام وَهُوَ فَوق جَمِيع الْأَجْسَام وَالْمَوْجُود المنزه عَن التَّحْدِيد والتقدر بحدود الْأَجْسَام ومقاديرها فَوق الْأَجْسَام كلهَا فِي الرُّتْبَة وَلَكِن خص الْعَرْش بِالذكر لِأَنَّهُ فَوق جَمِيع الْأَجْسَام فَلَمَّا كَانَ فَوْقهَا كَانَ فَوق جَمِيعهَا وَهُوَ كَقَوْل الْقَائِل الْخَلِيفَة فَوق السُّلْطَان تَنْبِيها بِهِ على أَنه إِذا كَانَ فَوْقه كَانَ فَوق جَمِيع النَّاس الَّذين هم دون السُّلْطَان وَالْعجب من الحشوي الَّذِي لَا يفهم من فَوق إِلَّا الْمَكَان وَمَعَ ذَلِك إِذا سُئِلَ عَن شَخْصَيْنِ من الأكابر وَقيل لَهُ كَيفَ يجلسان فِي الصَّدْر والمحافل فَيَقُول هَذَا يجلس فَوق ذَاك وَهُوَ يعلم أَنه لَيْسَ يجلس إِلَّا بجنبه وَإِنَّمَا يكون جَالِسا فَوْقه لَو جلس على رَأسه أَو مَكَان مَبْنِيّ فَوق رَأسه وَلَو قيل لَهُ كذبت مَا جلس فَوْقه وَلَا تَحْتَهُ وَلكنه جلس بجنبه اشمأزت نَفسه من هَذَا الْإِنْكَار وَقَالَ إِنَّمَا أَعنِي بِهِ فوقية الرُّتْبَة والقرب من الصَّدْر فَإِن الْأَقْرَب إِلَى الصَّدْر الَّذِي هُوَ الْمُنْتَهى فَوق بِالْإِضَافَة إِلَى الْأَبْعَد ثمَّ لَا يفهم من هَذَا أَن كل تَرْتِيب لَهُ

1 / 108