مقصد اصلی
المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى
پژوهشگر
بسام عبد الوهاب الجابي
ناشر
الجفان والجابي
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠٧ - ١٩٨٧
محل انتشار
قبرص
ژانرها
عقاید و مذاهب
ذَلِك لَا نِهَايَة لَهُ وَعرفت أَن من قَالَ لَا يعرف الله غير الله فقد صدق وَأَن من قَالَ لَا أعرف إِلَّا الله فقد صدق أَيْضا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُود إِلَّا الله ﷿ وأفعاله فَإِذا نظر إِلَى أَفعاله من حَيْثُ هِيَ أَفعاله وَكَانَ مَقْصُور النّظر عَلَيْهِ وَلم يره من حَيْثُ هُوَ سَمَاء وَأَرْض وَشَجر بل من حَيْثُ أَنه صنعه فَلم يُجَاوز مَعْرفَته حَضْرَة الربوبية فيمكنه أَن يَقُول مَا أعرف إِلَّا الله وَمَا أرى إِلَّا الله ﷿
وَلَو تصور شخص لَا يرى إِلَّا الشَّمْس ونورها الْمُنْتَشِر فِي الْآفَاق يَصح مِنْهُ أَن يَقُول مَا أرى إِلَّا الشَّمْس فَإِن النُّور الفايض مِنْهَا هُوَ من جُمْلَتهَا لَيْسَ خَارِجا مِنْهَا وكل مَا فِي الْوُجُود نور من أنوار الْقُدْرَة الأزلية وَأثر من آثارها
وكما أَن الشَّمْس ينبوع النُّور الفايض على كل مستنير فَكَذَلِك الْمَعْنى الَّذِي قصرت الْعبارَة عَنهُ فَعبر عَنهُ بِالْقُدْرَةِ الأزلية للضَّرُورَة وَهُوَ ينبوع الْوُجُود الفابض على كل مَوْجُود فَلَيْسَ فِي الْوُجُود إِلَّا الله ﷿ فَيجوز أَن يَقُول الْعَارِف لَا أعرف إِلَّا الله
وَمن الْعَجَائِب أَن يَقُول لَا أعرف إِلَّا الله وَيكون صَادِقا وَيَقُول لَا يعرف الله إِلَّا الله ﷿ وَيكون أَيْضا صَادِقا وَلَكِن ذَلِك بِوَجْه وَهَذَا بِوَجْه وَلَو كذبت المتناقضات إِذا اخْتلفت وُجُوه الاعتبارات لما صدق قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾ سُورَة الْأَنْفَال الْآيَة ١٧ وَلكنه صَادِق لِأَن للرمي اعتبارين هُوَ مَنْسُوب إِلَى العَبْد بِأَحَدِهِمَا ومنسوب إِلَى الرب تَعَالَى بِالثَّانِي فَلَا تنَاقض فِيهِ
ولنقبض هَاهُنَا عنان الْبَيَان فقد خضنا لجة بَحر لَا سَاحل لَهُ وأمثال هَذِه الْأَسْرَار لَا يَنْبَغِي أَن تبتذل بإيداع الْكتب وَإِذ جَاءَ هَذَا عرضا غير مَقْصُود فلنكف عَنهُ ولنرجع إِلَى شرح مَعَاني أَسمَاء الله الْحسنى على التَّفْصِيل
1 / 58