مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
ناشر
مطبعة سفير
محل انتشار
الرياض
ژانرها
المبحث الثاني: أهمية الحكمة
١ - قد بيّن القرآن الكريم طرق الدعوة إلى الله تعالى، ويأتي في مقدمة هذه الطرق: الحكمة في الدعوة إلى الله ﷿، وقد أمر الله تعالى نبيه محمدًا ﷺ بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة، فقال: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (١).
٢ - من تتبّع سيرة النبي ﷺ وجد أنه كان يلازم الحكمة في جميع أموره، وخاصة في دعوته إلى الله ﷿، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا بفضل الله تعالى، ثم بفضل هذا النبي الحكيم ﷺ الذي ملأ الله قلبه بالإيمان والحكمة، فعن أنس ﵁ قال: كان أبو ذر يُحدّث أنَّ رسول الله ﷺ قال: «فُرِجَ سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل فَفرجَ صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست (٢) من ذهب ممتلئٍ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي ..» الحديث (٣).
وهذا يُثبِتُ أن الحكمة من أعظم الأمور الأساسية في منهج الدعوة إلى الله تعالى، حيث امتلأ بها صدر رسول الله ﷺ وهو صاحب الدعوة، مع الإيمان، وهو قضية الدعوة في لحظة واحدة، كما يؤكّد قيمة وأهمية
_________
(١) سورة النحل، الآية: ١٢٥.
(٢) إناء كبير مستدير. انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١/ ٤٦٠، والمعجم الوسيط، مادة: (الطّسْت)، ٢/ ٥٥٧.
(٣) البخاري، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء، برقم ٣١٦٤، ومسلم، واللفظ له، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السموات وفرض الصلوات، برقم ١٦٣.
1 / 33