مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
126

مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

ناشر

مطبعة سفير

محل انتشار

الرياض

ژانرها

وهذا الرجل قد جفا عمر أمير المؤمنين بعدة أمور تثير الغضب، وتجعله عرضة للانتقام والتأديب. أول هذه الأمور: قوله: هي يا ابن الخطاب، ولم يقل: يا أمير المؤمنين. والثاني: قوله: والله ما تعطينا الجزل، يعني العطاء الكثير. والثالث: وهو أقبح الأمور الثلاثة، قوله: ولا تحكم بيننا بالعدل. ومع هذا كله حلم عنه عمر وعفا عنه، وصفح بعدما سمع الآية، وسمع قول الحر: إن هذا من الجاهلين، ووقف عند الآية: ولم يعمل بغير ما دلت عليه، بل عمل بمقتضاها، ﵁ وأرضاه (١)، وهذا يدل على كمال حلمه وحكمته التي استفادها من هدي رسول الله ﷺ فرسخت في ذهنه حتى كانت هيئة راسخة ثابتة في نفسه وخُلُقه. وهذا يحتاج في بداية الأمر إلى جهاد وقوة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (٢). ولاشك أن الغضب يهدم الحلم وينافيه، وصاحب الغضب لا يكون حليمًا، ولهذا قال ﷺ لمن قال أوصني: «لا تغضب» (٣). والداعية إلى الله يستطيع أن يتّصف بالحلم؛ ليكون حكيمًا، وذلك

(١) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٣/ ٢٥٩، ٨/ ٣٠٥، ١٣/ ٢٥٠. (٢) البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، برقم ٦١٤١، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، برقم ٢٦٠٩. (٣) البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، برقم ٦١١٦، والحديث فيه: فردد مرارًا، قال: «لا تغضب».

1 / 130