مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
ناشر
مطبعة سفير
محل انتشار
الرياض
ژانرها
عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حَتَّى يَنفَضُّوا﴾ (١).
وقد ظهرت الحكمة المحمدية، وتجلت السياسة الرشيدة في إخماد النبي ﷺ نار الفتنة، وقطع دابر الشرّ - بفضل الله ثم بصبره - على عبد الله بن أُبيّ، وتحمّله له، والإحسان إليه، ومقابلة هذه المواقف المخزية من هذا الزعيم المنافق بالعفو؛ لأن هذا الرجل له أعوان، ويخشى من شرهم على الدعوة الإسلامية؛ ولأنه يُظهر إسلامه؛ ولهذا قال النبي ﷺ لعمر بن الخطاب - حينما قال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق -: «دعه حتى لا يتحدّث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه» (٢).
فلو قتله رسول الله ﷺ لكان ذلك منفِّرًا للناس عن الدخول في الإسلام؛ لأنهم يرون أن عبد الله بن أُبيّ مسلم، ومن ثم سيقول الناس: إن محمدًا يقتل المسلمين، فعند ذلك تظهر المفاسد، وتتعطَّل المصالح.
فظهرت حكمة النبي ﷺ وصبره على بعض المفاسد خوفًا من أن تترتّب على ذلك مفسدة أعظم؛ ولتقوى شوكة الإسلام، وقد أُمر بالحكم الظاهر، والله يتولّى السرائر.
وقد ظهرت الحكمة لعمر بعد ذلك في عدم قتل عبد الله بن أُبيّ فقال:
(١) سورة المنافقون، الآية: ٧. والحديث في البخاري، كتاب التفسير، سورة المنافقون، باب قوله تعالى: ﴿إِذَا قِيلَ لَُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ الله﴾، برقم ٤٩٠٤، ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، برقم ٢٧٧٢. (٢) البخاري، كتاب التفسير، سورة المنافقون، باب ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ إِنَّ الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾، برقم ٤٩٠٥، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، برقم ٢٥٨٤.
1 / 122