وَقد ذكرنَا نَظِير ذَلِك فِي حسن الِاسْتِمَاع
وَلَا بُد من إدامة الْفِكر فِي ذَلِك إِلَى أَن يحصل فِي الْقلب وَجل وَخَوف يحثانه على الاستعداد لذَلِك الْيَوْم وَمِثَال ذَلِك الْوقُود تَحت الْقدر لَا بُد من إدمانه إِلَى إنضاج مَا فِي الْقدر فَلذَلِك لَا ينضج الْقلب إِلَّا خوف متوال متواصل يُوجب للقلب قذف الشَّهَوَات خوفًا من الْعُقُوبَات كَمَا يقذف الْقدر بالزبد عِنْد إدمان الْوقُود وتكثيره فَإِذا فعل ذَلِك أَرَادَ الشَّيْطَان أَن يفْسد عَلَيْهِ عمله فأوهمه أَنَّك مَا نلْت ذَلِك إِلَّا بعزمك وحزمك وَحسن نظرك لنَفسك
فَإِن قبل مِنْهُ ذَلِك وَكله الله إِلَى نَفسه وَإِن رد ذَلِك على الشَّيْطَان حصل الْخَوْف الناجع بالتفكر وَحصل الإقلاع عَن الزلات والإنابة إِلَى الطَّاعَات بِسَبَب الْخَوْف الناجع وتوفيق رب الأَرْض وَالسَّمَاوَات
وَلَو لاحت لهَؤُلَاء أَو لأَحَدهم لائحة من لوائح الْعرْفَان لاجتمع همه من غير تَكْرِير الْفِكر وَلَا إدمان وَمَا أعز هَذَا فِي هَذَا الزَّمَان
وَأنْشد فِيهِ
(كَانَت لقلبي أهواء مفرقة ... فاستجمعت مذ رأتك الْعين أهوائي)
1 / 26