النسخ عليها.
ولا ريب أن اعتبار ما ذكره المصنف في هذه النية هو الأحوط.
والواجب إحضار النية بالبال فعلا عند أول العبادة، ولا يجب استمرارها إلى آخرها؛ لتعذره أو تعسره على المكلفين، (و) لكن (يجب استدامتها) واستمرارها (حكما إلى الفراغ) من الوضوء، بمعنى أن لا يحدث نية بعد النية الأولى تنافيها أو تنافي بعض لوازمها، كأن ينوي قطع الطهارة، أو الرياء ببعض الأفعال، أو التبرد، أو التنظيف بغسل بعض الأعضاء.
فعلى هذا الاستدامة أمر عدمي، فمتى لم يحدث نية مخالفة فالنية الأولى بحالها.
وفسرها المصنف (رحمه الله) في الذكرى (1) والقواعد (2) بأمر وجودي، وهو البقاء على حكمها والعزم على مقتضاها، أو تجديد العزم عليها كلما ذكر؛ مستدلا بأن مقتضى الدليل الدال على اعتبار النية في العبادات كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنما الأعمال بالنيات» (3) وجوب استصحاب النية فعلا، لكن لما تعذر في العبادة الطويلة أو تعسر اكتفى بالاستدامة الحكمية.
وفي دلالة الدليل على ذلك نظر؛ لأن المراد بالنية أما العزم على الفعل وإن تقدم كما ذكره أهل اللغة، أو القصد المقارن كما اختاره الفقهاء حتى صار حقيقة شرعية فيه، وكلاهما لا يدل على اعتبار الاستمرار الفعلي.
والمراد بالأعمال المعهودة عند الشارع كالصلاة والطواف (4)، وإطلاق ذلك على أجزائها مجاز لا يصار إليه هنا، مع أن مقتضى دليله وجوب الإتيان بالقدر الممكن فيها، إما باستصحابها فعلا، أو بالرجوع إليها بحسب الإمكان؛ لعدم الدليل الدال على وجوب الاستدامة بالمعنى المذكور، بحيث يجعلها بدلا عن النية، ولا ينتقل إلى
صفحه ۸۲