كان الشيخ يحترم الأئمة السالفين ، ولم يكن يجرح المخالفين ، بل كان رفيقا مما جعل الناس له مؤالفين .
إذا صاحبت قوما أهل فضل
ولا تأخذ بزلة كل قوم
فكن لهموا كذي الرحم الشفيق
فتبقى في الزمان بلا رفيق
إن التقوى إخلاص في الأعمال ، وصدق في الأقوال ، ومراقبة لله في الأحوال ، وكذلك كان هو . أدرك الشيخ شرف الزمان ، فوزع وقته في وجوه البر والإحسان ، وهذه أعظم علامة ، على بلوغه درجة الإمامة .
فهو رجل خاصة ينصح ويعظ ويتلطف ، ولا يغلظ ويشنع ويعنف .
وهو رجل عامة فكان بالناس رفيقا ، وبالمستضعفين رقيقا .
وهو رجل شفاعات تلبى لديه الطلبات ، وتحل عنده المشكلات ، ويجيب على التساؤلات ، وتعرض عليه المعضلات .
الإمامة عند هذا الإمام : يقين عند الشبهات ، وصبر عند الشهوات ، وتحمل للمسئوليات .لم يكن هذا الإمام في فتواه يفرع المسائل حتى يحير السائل ، بل وضوح في العبارة ، ولطف في الإشارة ، فلا إسهاب يشتت الأذهان ، ولا اقتضاب يربك الحيران ، بل إصابة للقصد ، مع اختصار للجهد . فهو أدرى بقوله تعالى : { ونيسرك لليسرى } .
وقالوا : من تابع الرسول ، ووقف مع المنقول ، وترك الفضول ، نال القبول وكذلك كان رحمه الله .
وقالوا : من تقيد بالمأثور ، وآمن بالمقدور ، وعمل بالمأمور ، واجتنب المحذور ، فعمله مبرور ، وسعيه مشكور ، وهو مأجور وكذلك كان رحمه الله .
وقالوا : من أرضى الحق ، ولطف بالخلق ، وصدق في النطق ، وعمل في رفق ، حصل من الرب على القرب ، ومن الناس على الحب ، وكذلك كان رحمه الله .
ولولا أني عرفته ما وصفته ، والسبب في أنني أحببته ، لأنني صاحبته .
صفحه ۷۱