مقامات القرنی

عائض القرنی d. 1450 AH
114

مقامات القرنی

مقامات القرني

ژانرها

واعلم أن لوم النفس على التقصير ، والنظر إليها بعين التحقير ، والإزراء عليها في جانب مولاها ، وعدم الرضا عنها لما فعله هواها ، يقطع من مسافات السير ، إلى اللطيف الخبير ، ما لا يقطعه الصيام ولا القيام ، ولا الطواف بالبيت الحرام ، فهنيئا لمن على ذنبه يتحرق ، وقلبه يكاد من الأسف يتمزق ، ودمعه على ما فرط يترقرق .

وقفنا على الأبواب نزجي دموعنا

ونبعث شوقا طالما ضج صاحبه

أجمل الكلمات ، وأحسن العبارات ، لدى رب الأرض والسموات ، قول العبد : يا رب أذنبت ، يا رب أسأت ، يا رب أخطأت ، فيكون الجواب منه سبحانه : عبدي قد غفرت وسامحت ، وسترت وصفحت .

إن الملوك إذا شابت عبيدهمو

وأنت يا خالقي أولى بذا كرما

في رقهم عتقوهم عتق أبرار

قد شبت في الرق فاعتقني من النار

عفر الجبين بالطين ، وناد : يا رب العالمين ، تبنا مع التائبين ، اغسل الكبائر بسبع غرفات من ماء الدموع وعفرها الثامنة بتراب المتاب ، فهذا فعل من أناب ، حتى يفتح لك الباب . تأوه المذنبين التائبين ، أحب من تسبيح المعجبين ، من قضى ليله وهو نائم ، وأصبح وهو نادم ، أحب ممن قضاه وهو مسبح مكبر ، وأصبح وهو معجب متكبر .

إذا أردت القدوم عليه ، توسل برحمته وفضله إليه ، ولا تمنن بطاعتك لديه، لا تيأس من فتح الباب ، ورفع الحجاب ، فأدم الوقوف عنده ، واخطب وده ، فإن من قصده لن يرده ، ما أحوج الجيل ، إلى آخر ساعة من الليل ، لأنها ساعة الهبات ، والأعطيات والنفحات ، إمام الموحدين ، يقول : { والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } ، فجعل غاية مناه ، أن تغفر خطاياه ، وأنت تصر ، ولا تقر ، وتحسو كأس الذنب وهو مر ، فأفق من سبات اللهو ولا تكن من الغافلين ، وأكثر من { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } .

صفحه ۱۴